رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
الأحد مارس 08, 2009 5:16 pm
رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد
النبي صلى الله عليه وسلم ، والقيام له في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام عليه
، وغير ذلك مما يفعل في الموالد .[color=#3333FF]والجواب أن يقال : [/color
]لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك
من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ،
ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ
ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ،
وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما
ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة "
.
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .
وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63
) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا
الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى
: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي
الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً
ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت
لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة :
3 ) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه
الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به
، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين :
أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على
الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل
لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل
إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ،
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم
، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه .
ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم
بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله
سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو
فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من
الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم
منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما
أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر
الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .
وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو
في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال
آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع
الحسنة .
والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
كما قال الله عز وجل : ( يآالها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم
تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 )
، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى
: 10 ) .
وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ،
فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما
نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا
الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي
أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى
سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا
فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من
البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .
وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن
الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر
الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن
الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال
تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو
نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111
) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة
الأنعام : 116 ) .
ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها
على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ،
وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم
من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه
يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس
حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء
.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في
الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه
وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ،
فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله
عنه .
ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه
الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور
الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ،
ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من
صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .
ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛
ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن
الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل
بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم
القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله
تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم
يوم القيامة تبعثون ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة
، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات
والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات
إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء
المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ،
والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله
بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .
أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات
، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على
النبي يآ الها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب :
56 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها
عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل
واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في
مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم
الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن
يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .
الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد
النبي صلى الله عليه وسلم ، والقيام له في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام عليه
، وغير ذلك مما يفعل في الموالد .[color=#3333FF]والجواب أن يقال : [/color
]لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك
من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ،
ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ
ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ،
وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما
ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة "
.
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .
وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63
) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا
الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى
: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي
الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً
ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت
لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة :
3 ) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه
الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به
، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين :
أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على
الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل
لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل
إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ،
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم
، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه .
ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم
بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله
سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو
فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من
الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم
منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما
أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر
الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .
وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو
في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال
آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع
الحسنة .
والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
كما قال الله عز وجل : ( يآالها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم
تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 )
، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى
: 10 ) .
وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ،
فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما
نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا
الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي
أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى
سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا
فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من
البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .
وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن
الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر
الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن
الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال
تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو
نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111
) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة
الأنعام : 116 ) .
ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها
على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ،
وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم
من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه
يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس
حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء
.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في
الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه
وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ،
فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله
عنه .
ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه
الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور
الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ،
ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من
صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .
ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛
ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن
الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل
بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم
القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله
تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم
يوم القيامة تبعثون ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة
، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات
والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات
إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء
المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ،
والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله
بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .
أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات
، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على
النبي يآ الها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب :
56 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها
عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل
واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في
مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم
الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن
يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .
- جميلةمشرفه على قسمى الطبخ والعنايه بالبشره
- عدد الرسائل : 181
العمر : 32
الجنس :
الدوله :
العمل :
المزاج :
الهوايه :
عدد النقاط : 17628
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 28/01/2009
الأوسمة :
رد: رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
الإثنين مارس 09, 2009 12:05 am
جزاك الله كل خير
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى