- هيثم الساعىعضو نشيط
- عدد الرسائل : 68
العمر : 50
الجنس :
الدوله :
العمل :
المزاج :
الهوايه :
عدد النقاط : 16949
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 03/07/2009
الرياء وانواعة وكيفية علاجة
الأربعاء يوليو 22, 2009 10:58 am
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ وسلِّم على الصادق المصدوق سيدنا محمد
السلام عليكم،
أما بعد، فإن الرّياء داءٌ يُميتُ القلوب، ويَجلبُ الخطوب،
فهو للعمل مُبيد، وعن القربِ من الله يُحيد..
ومن إبتُلِيَ به ضاع عمله كلّه، ومن وُقِيَ منهُ حاز على الثواب جلّه..
قال الملك الديّان عزّ وجلّ: (( فَوَيْلٌ للمَصَلّينَ # الذينَ همْ عنْ صلاتِهمْ ساهون # الذينَ هُم يُرآءون ))
وقال عزَّ مِنْ قائلٍ سبحانه: (( والّذينَ يَمْكُرونَ السَّيْئاتِ لَهُم عذابٌ شَديدٌ ومَكْر أُولئِكَ هوَ يَبور )) ... قال مجاهد –رضي الله عنه-: "هم أهل الرياء".
*****
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( يقول الله عزّ وجلّ: مَن عملَ لي عملاً أشرلا اله الاالله فيهِ غيري فهو لهُ كلّه، وأنا بريءٌ وأنا أغنى الأغنياء عن الشِرك ))
[رواه مسلم والإمام مالك وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]
رُأى النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، فقيل له: "ما يبكيكَ يا رسول الله؟ "
فقال صلى الله عليه وسلم: (( إني تَخَوَّفتُ على أمتي الشِرك، أمَا إنّهم لا يعبدون صنماً ولا شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولكنهم يراؤون بأعمالهم ))
[رواه ابن ماجه والطبراني من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه]
*****
وعن أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يطأطئ –أي ينزل رأسه- رأسه في الصلاة، يظن أن ذلك هو تمامُ الخشوع في الصلاة،
فقال له الفاروق: "يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك! ليس الخشوع في الرقاب ولكن الخشوع في القلوب"
وعن أمير المؤمنين أبي السِبطيْنِ علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم قال: "للمرائي ثلاث علامات: يكسل –أي يكسل عن العبادة- إذا كان وحده،
وينشط إذا كان في الناس،
ويزيد في العمل إذا أُثنيَ عليه –أي مدحه الناس-،
وينقُصُ إذا ذّم"
وعن عكرمة رضي الله عنه: "إن الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله، لأن النية لا رياء فيها"
وقال قتادة رضي الله عنه: "إذا راءى العبد يقول الله عزّ وجلّ: انظروا إلى عبدي يستهزئ بي"
أنواع الرياء:
النوع الأول:
الرياء في الدين بالبدن:
كإظهار التعب ليوهِمَ الناس أنه قام الليل،
وإظهار الحزن ليوهِمَ الخلق أنه خائف من الله تعالى ومن عذابه، ومشفقٌ على حال الأمة.
وإظهار النحول ليوهم الناس أنه مجتهدٌ في الصوم.
النوع الثاني:الرياء بالزي والهيئة:
كحفّ الشارب وإعفاء اللحية وتقصير الثوب وإبقاء أثر السجود ولبس الثيا الغليظة، ليظهر للناس أنه زاهد في الدنيا وأن قلب متعلّق بالآخرة وأنه متّبعٌ للسنة المطهرة.
النوع الثالث:الرياء بالقول:كإظهار الوعظ والنطق بالحكمة ووحفظ الأحاديث ليوهم البشر أنه غزير العلم ومعنيٌّ بأحوال السلف.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإظهر الغضب على المنكرات والمعاصي، وترقيق الصوت بالقرآن، وذلك كله ليوهم المسلمين أنه مشفقٌ من عذاب ربه.
النوع الرابع:
الرياء بالعمل:
كالمراءاة بالصلاة والتهجّد والحج والعمرة والصدقة وغيرها من العبادات.
فإذا صلى بجانبِ أحدهم عالمٌ من أهل الدين، خشع في صلاته وأطرق رأسه، ولربما ذرفت عيناه، فإذا انصرف ذاك العالم أسرع في صلاته لا يدري ما يقول.
النوع الخامس:
المراءاة بالأصحاب والزائرين:
كالذي يجبر نفسه على زيارة أحد الصالحين أو العبّـاد، ليُقال: إنّ فلاناً زار فلاناً العابد الزاهد.
فإن ذهب بعدها زائراً لرئيس أو وزير، قيل: إنهم يتركون بزيارته لعظم مرتبته في الدين.
وكالذي يكثر من ذكر الشيوخ والعلماء والفقهاء، ليُعْلِمَ الناس أنه صاحب علم ومعرفة ومخالطة لأهل العلم والفقه، فيكبر بذلك في نفوس الناس.
أركان الرياء:
الركن الأول: وهو المُرَاءَى به –وهي العبادات والطاعات-.
وهذا الركن ينقسم إلى قسمين اثنين:
(أ) القسم الأول:وهو الرياء بأصول الدين، وهذا القسم على ثلاث درجات:
1- الرياء بأصل الإيمان،وصاحب هذا الرياء كافرٌ مخلدٌ في النار، لأنه يراءي بأنه يصدق بوجود الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أما في باطنه فهو كافر بالله ورسوله، فهو في الدرك الأسفل من النار.
2- الرياء بالعبادات مع التصديق بأصل الدين،هذا المراءي مؤمن بالله ورسوله ولكن يأمر الناس بالبرّ ولا يأتيه وينهاهم عن المنكر ويأتيه.
كالذي لا يصلي ولكن إن صادف أنه في جمعٍ من الناس كان في الصف الأول من الصلاة، وإن جاء رمضان وكان في خلوة أفطر وإن كان بين الناس أظهر الصيام.
فإن منزلة هذا الشخص عند الخلق أحب إليه من منزلته عند ربّ الخلق.
هو متكاسل عن العبادات في الخفاء ونشيط أمام الناس.
3- الرياء بالنوافل والسُنن:فهذا يراءي بصلاة الجماعة وعيادة المرضى والسنن الرواتب وصوم النافلة، وكل ذلك حباً في أن يحمده الناس وخوفاً من أن يذمّوه.
(ب) القسم الثاني: وهو الرياء بأوصاف العبادات لا بأصولها، وهذا القسم على ثلاث درجات:
1- الرياء بفعل ما يكون تركه نقصان في العبادة:كالذي يصلي لله عزّ وجلّ وفي نيّـته تخفيف الركوع والسجود وقراءة قصار السور، ولكن إن رآه شخص أتمّ ركوعه وسجود وحسّن قراءته.
وكالذي يخالط صومه السبّ والشتم فإذا رآه الناس أظهر لهم عفة لسانه.
2- الرياء بفعل مُتّمّمٍ ومكمّلٍ للعبادت، ولا يُعَدّ نقصاناً فيها:كالذي يطيل سجوده وركوعه أمام الناس، ويقرأ السور الطوال، ويُظهر الوقار الهدوء وهو صائم وغيرها من الأفعال التي لا يُذَمُّ تاركها ولكنه يُحمد.
3- الرياء بأمور زائدةٍ على النوافل نفسها:كالذي يأتي لصلاة الجماعة قبل القوم، ويصلي في ميامن الصفوف –أي عن يمين الإمام- فلو كان وحده لترك فعل هذا كله والعياذ بالله،
بالإضافة لغيرها في الأفعال.
الركن الثاني:
المرائي لأجله –وهو مراد المرء ومطلبه وبُغيته من هذا الرياء-.
وهذا الركن ينقسم إلى ثلاث أقسام:
(أ) القسم الأول: الرياء للتمكن من معصية أو فجور:كالذي يُظْهِرُ التقوى والصلاح واجتناب أكل الحرام والشبهات، فَيُوَلّى أمراً من أمور الدولة فيسرق ويختلس وينهب.
وكالذي يَخْرُجُ للحج أو العمرة ليلاحظ النساء ويراقبهن.
(ب) القسم الثاني: الرياء للتمكن من أمر مباح من أمور الدنيا:كالذي يُظهِرُ الوعظ والتذكير لتُبذَلَ له الأموال،
والذي يُظهر الدين والوَرَع ليُزَوَّجَ بنات كبار القوم.
(جـ) القسم الثالث: الرياء لدفع ذم الناس له:وهو الذي يرى الناس في طاعاتهم وعبادتهم فيكون معهم، ولو خلا بنفسه كان يفعل شيئاً من ذلك.
كمن يترك المزاح أمام الناس كي لا يُقال أنه من أهل اللهو والعبث والتفاهة.
وكمن أفطر في عاشوراء أو يوم عرفة، ولكنه يُظهر الجوع والعطش.
الركن الثالث: وهو نفس قصد الرياء.وينقسم إلى أربعة أقسام:
(أ) القسم الأول: الرياء بالعمل من غير إرادة الثواب أصلاً:وهو كمن إن كان وحده لا يصلي وإن كان بين الناس صلى، وقد يصلي من غير طهارة، لا يريد يذلك أيّ ثواب.
والذي يتصدق وهو لذلك كارهٌ لكي لا يذمه الناس.
(ب) القسم الثاني: الرياء بالعمل برغبة ضعيفة في الثواب:فهو كالذي قبله ولكن تداخل قلبه رغبة ضعيفة في الأجر والثواب.
(جـ) القسم الثالث: الرياء بعملٍ قَصْدُ الرياء والثواب فيه متساويان:وذلك إن اجتمعت إرادة الثوب وإرادة الرياء معاً حصل الرغبة في العبادة،
وإن لم تجتمعا لم يعمل صاحب هذا النوع من الرياء شيئاً.فأجره على العمل يساوي عقاب رياءه في ذاك العمل،
فهو كمن لا له ولا عليه.
(د) القسم الرابع: الرياء القليل في العمل مع غلبة الإخلاص:فهو لا يترك صلاته وعبادته ولكن إطلاع الناس يجعله أكثر خشوعاً وإتماماً لعباته.
فلا يُحبط أجره ولكن يُعاقب على قدر الرياء الذي داخل عمله.
أسباب الرياء
السبب الأول: حب المنزلة والجاه:وهو من خالط قلبه حب الدنيا وغمر روحه.
السبب الثاني: لذة المحمدة:كالذي يقاتل ليقال: شجاع.
والذي ينفق ليقال: جواد كريم.
السبب الثالث: ذم الناس له:كالذي يصلي ويصوم كي لا يُتّهَمْ بالفسق والمعصية.
السبب الرابع: الطمع فيما عند الناس:وهو الذي يفعل ويفعل ليزوّجه الناس أو ليصلوه بالمال أو غيره.
علاج الرياء
العلاج الأول: كره المنزلة والجاه.
ويكون ذلك بأن يعلم أن الدنيا ومناصبها ومُلهِياتها حقيرة ذليلة،
وكما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (( الدنيا ملعونة ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله وما ولاه وعالماً ومتعلماً ))
[رواه الترمذي وحسّنه الألباني]
فاجعل قلبك خالياً من الرغبات الدنيوية –قدر المستطاع- من حب المناصب وحب رفعة المنزلة..
وروى الإمام أحمد: أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان بالبادية معتزلاً الفتنة،
فجاءه ابنه عمر عندما تصالح أمير المؤمنين علي ومعاوية –رضي الله عنهما- في عام الجماعة،
فقال عمر لأبيه: "أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟"
فضرب سعدٌ صدر ابنه، وقال: "أسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي".
فالعاقل لا يعمل لدنيا فانية قد آن زوالها، ولكنه يسعى لحياة باقية قد آن أوانها..
العلاج الثاني: تساوِ المدح والذم عندك.
أي ألا تكترث لمدح الناس وذمهم لك، فهما عندك سواء.
فتُحسِنُ إلى من يُهينك كما تُحسِنُ إلى من يمدحك.
فأنت يا ابن آدم لست إلا من نطفة مذرة –أي منيّ نجس-..
وبعدها تصير جيفة قذرة..
وأنت الآن تحمل البول والعذِرة –أي غائط-..
فقف وتفكّر من أنت؟؟
وعلامَ تعاليك في الأرض؟؟
بمالٍ يفنى أم بنسب ينقطع أم بجاهٍ زائل ؟!
تفكّر في ذنوبك ومعاصيك!! أما تستحي أن تُحمد وأنت غارقٌ في لهوك؟!
ولا تكترث لمن ذمّك وسبّك،
لأن هذا الأمر يزيد من حسناتك إن صبرت،
وهو كفارة لمعاصيك وذنوبك.
ولو عيّرك أحدهم بشيء فيك وفضحك، فاحمد الله أنه لم يفضحك بشيءٍ أكبر وأشنع.
وإن ذمك بشيءٍ فيك، فقد أهدى إليك عيوبك، وفطّنك لغفلتك ونبهك لهذه الخصلة الحقيرة،
فكن فرِحاً بهذا الأمر ولا تكن جاهلاً، فعليك إنتهاز هذه الفرصة ولو أنها موجعة، فانتهزها بأن تنقي عيوبك التي عيّرك بها.
فقد رُويَ أن أحد أجلاء التابعين موسى بن جعفر –من آل البيت- شتمه أحد الناس وهو بالمدينة، فأرسل موسى إلى الرجل سلة رطب،
فعجب منه الناس، فقال: "أهدى إلي الرجل حسناته، أفلا أهديه شيئاً من الرُطَب".
فإن شتمك كل البشر وأهانوك ولكن الله تعالى راضٍ عنك، فلا تحزن ولا تبالي..
وإن مدحك الناس كلهم وأجلوا مكانك والله ساخط عليك، فلن ينفعك مدحُ مادحٍ ولا شفاعة شافع..
ليت الذي بيني وبينلا اله الاالله عامرٌ ***** وبيني وبين العالمين خراب
إن صحّ منك الوُدُّ فالكلُّ هيّنٌ ***** وكل الذي فوق الترابِ تراب
العلاج الثالث: القناعة وقطع الطمع.
وقد قيل: القناعة كنزٌ لا يَفنى.
فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( من أصبح منكم آمناً في سربه –أي آمناً في أهله-، معافىً في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حيزَتْ له الدنيا ))
[رواه الترمذي وحسّنه الألباني]
وهذا هو عين الرضا بقضاء الله تعالى، فإن رضيت عن الله رضي الله عنك، وإن رضي الله عنك فهي الفرحة والمسرّة الأبدية.
وحتي تتم القناعة اعلم أن متاع الدنيا زائل، فلا تُتْعِب نفسك فيها، اجعل الدنيا في يدك لا في قلبك،
واعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر..
اعمل لدارٍ رضوان خازنها ***** والجار أحمدُ والرحمن عاليها
أرضٌ بها ذهبٌ والمِسكُ طينتها ***** والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومِن عسلٍ ***** والخمرُ يجري رحيقاً في مغانيها
فلا خير في دنيا كلها هم وغم وذنوب وإعراض،
وحيهلا بالحياة الأبدية فيها النظرة الإلهية والجيرة النبوية والزيجة الحُورانية..
العلاج الرابع: استذكار عقاب المرائي.
فاعلم أن الرياء من أنواع الشِرك، فقد جاء أن الإمام الجليل الفُضَيْلُ بن عِياض رضي الله عنه قال: "من ترك عملاً مخافة إتهامه بالمراءاة فقد أشرك."
فكيفَ إذاً بمَن يعمل ليراءي الناس ؟!فكيف بمَن لم يراعي حرمة الخالق وحدوده واستهان بأوامره ؟!
(( وإن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعوا به رجل جمع القرآن،
فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلتُ على رسولي؟!
قال: بلى يارب.قال: فماذا عملت بما علمت؟!
قال: كنت أقومُ به آناء الليل وآناء النهار.
فيقول الله له: كذبت،
وتقول له الملائكة: كذبت.
ويقول الله له: بل أردت أن يقال فلان قارئ، فقد قيل ذلك..
ثم يُسحب به إلى النار-والعياذ بالله-.. ))
[رواه الترمذي وصحّحه الألباني]
يا ابن آدم إن جهنم قعرها بعيد..
وحرها شديد..
ولها مقامع من حديد..
تبطش بمن عن الصراط يحيد..
الدواء الخامس: إخفاء بعض العبادات.
ففي هذا الموضع يجب غلق الأبواب على النوافل كما تُغلق على الفواحش..
وذلك إلى حين يقنع القلب بعلم الله واطلاعه على عبادته،
ولا تنازعه نفسه إلى طلب علم الخلقِ به..
وقد أمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصلاة –أي صلاة النافلة- في البيت بقوله: (( صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً ))
[رواه مسلم]
فصلاة السرّ في البيت كصلاة النافلة والتهجّد بعيداً عن أعين الناس، تريح النفس وتجلو عناء الدنيا.. وصدقة السر لها فضل عظيم وقدر جليل، فهي تُظِلُّ صاحبها في ظل الجليل سبحانه وتعالى..
الدواء السادس (مهم): دفع خاطر الرياء في الحال.
ولا بُدَّ من دفع الرياء بثلاث أمور:
(أ) المعرفة (المرحلة الأولى):وهي معرفة مخاطر الرياء على القلب، وعلى مصير الإنسان في الدنيا والآخرة، وكيف أنه يجري بخفاء في القلوب.
وتقوى المعرفة هذه بحب الله تعالى والتعلّق بالآخرة وبغض الدنيا والتفكّر في خلق الله.
(ب) الكراهة (المرحلة الثانية):وهي كراهة وإنكار ما قد يكون مآل ومصير الإنسان إن راءى، وتكون هذه الكراهة قلبية، وهذه الكراهة هي ثمرة (للمعرفة).
(جـ) الإباء (المرحلة الثالثة):وهو فعل العزم والتصميم والعقد على دفع الرياء ودحضه.
وهذا الإباء إن وُجِدَ في صاحب همةٍ بُتِر أصل الرياء وفرعه.
والإباء ثمرة (الكراهة).
فاللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل..
اللهم إنّا نعوذ بك من أصول الرياء وفروعه..
اللهم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلوبنا على دينك..
اللهم وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين..
اللهم اشف صدور عبادك وإماءك من شر الرياء والمُراءين..
اللهم صلِّ وسلِّم على الصادق المصدوق سيدنا محمد
السلام عليكم،
أما بعد، فإن الرّياء داءٌ يُميتُ القلوب، ويَجلبُ الخطوب،
فهو للعمل مُبيد، وعن القربِ من الله يُحيد..
ومن إبتُلِيَ به ضاع عمله كلّه، ومن وُقِيَ منهُ حاز على الثواب جلّه..
قال الملك الديّان عزّ وجلّ: (( فَوَيْلٌ للمَصَلّينَ # الذينَ همْ عنْ صلاتِهمْ ساهون # الذينَ هُم يُرآءون ))
وقال عزَّ مِنْ قائلٍ سبحانه: (( والّذينَ يَمْكُرونَ السَّيْئاتِ لَهُم عذابٌ شَديدٌ ومَكْر أُولئِكَ هوَ يَبور )) ... قال مجاهد –رضي الله عنه-: "هم أهل الرياء".
*****
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( يقول الله عزّ وجلّ: مَن عملَ لي عملاً أشرلا اله الاالله فيهِ غيري فهو لهُ كلّه، وأنا بريءٌ وأنا أغنى الأغنياء عن الشِرك ))
[رواه مسلم والإمام مالك وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]
رُأى النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، فقيل له: "ما يبكيكَ يا رسول الله؟ "
فقال صلى الله عليه وسلم: (( إني تَخَوَّفتُ على أمتي الشِرك، أمَا إنّهم لا يعبدون صنماً ولا شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولكنهم يراؤون بأعمالهم ))
[رواه ابن ماجه والطبراني من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه]
*****
وعن أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يطأطئ –أي ينزل رأسه- رأسه في الصلاة، يظن أن ذلك هو تمامُ الخشوع في الصلاة،
فقال له الفاروق: "يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك! ليس الخشوع في الرقاب ولكن الخشوع في القلوب"
وعن أمير المؤمنين أبي السِبطيْنِ علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم قال: "للمرائي ثلاث علامات: يكسل –أي يكسل عن العبادة- إذا كان وحده،
وينشط إذا كان في الناس،
ويزيد في العمل إذا أُثنيَ عليه –أي مدحه الناس-،
وينقُصُ إذا ذّم"
وعن عكرمة رضي الله عنه: "إن الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله، لأن النية لا رياء فيها"
وقال قتادة رضي الله عنه: "إذا راءى العبد يقول الله عزّ وجلّ: انظروا إلى عبدي يستهزئ بي"
أنواع الرياء:
النوع الأول:
الرياء في الدين بالبدن:
كإظهار التعب ليوهِمَ الناس أنه قام الليل،
وإظهار الحزن ليوهِمَ الخلق أنه خائف من الله تعالى ومن عذابه، ومشفقٌ على حال الأمة.
وإظهار النحول ليوهم الناس أنه مجتهدٌ في الصوم.
النوع الثاني:الرياء بالزي والهيئة:
كحفّ الشارب وإعفاء اللحية وتقصير الثوب وإبقاء أثر السجود ولبس الثيا الغليظة، ليظهر للناس أنه زاهد في الدنيا وأن قلب متعلّق بالآخرة وأنه متّبعٌ للسنة المطهرة.
النوع الثالث:الرياء بالقول:كإظهار الوعظ والنطق بالحكمة ووحفظ الأحاديث ليوهم البشر أنه غزير العلم ومعنيٌّ بأحوال السلف.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإظهر الغضب على المنكرات والمعاصي، وترقيق الصوت بالقرآن، وذلك كله ليوهم المسلمين أنه مشفقٌ من عذاب ربه.
النوع الرابع:
الرياء بالعمل:
كالمراءاة بالصلاة والتهجّد والحج والعمرة والصدقة وغيرها من العبادات.
فإذا صلى بجانبِ أحدهم عالمٌ من أهل الدين، خشع في صلاته وأطرق رأسه، ولربما ذرفت عيناه، فإذا انصرف ذاك العالم أسرع في صلاته لا يدري ما يقول.
النوع الخامس:
المراءاة بالأصحاب والزائرين:
كالذي يجبر نفسه على زيارة أحد الصالحين أو العبّـاد، ليُقال: إنّ فلاناً زار فلاناً العابد الزاهد.
فإن ذهب بعدها زائراً لرئيس أو وزير، قيل: إنهم يتركون بزيارته لعظم مرتبته في الدين.
وكالذي يكثر من ذكر الشيوخ والعلماء والفقهاء، ليُعْلِمَ الناس أنه صاحب علم ومعرفة ومخالطة لأهل العلم والفقه، فيكبر بذلك في نفوس الناس.
أركان الرياء:
الركن الأول: وهو المُرَاءَى به –وهي العبادات والطاعات-.
وهذا الركن ينقسم إلى قسمين اثنين:
(أ) القسم الأول:وهو الرياء بأصول الدين، وهذا القسم على ثلاث درجات:
1- الرياء بأصل الإيمان،وصاحب هذا الرياء كافرٌ مخلدٌ في النار، لأنه يراءي بأنه يصدق بوجود الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أما في باطنه فهو كافر بالله ورسوله، فهو في الدرك الأسفل من النار.
2- الرياء بالعبادات مع التصديق بأصل الدين،هذا المراءي مؤمن بالله ورسوله ولكن يأمر الناس بالبرّ ولا يأتيه وينهاهم عن المنكر ويأتيه.
كالذي لا يصلي ولكن إن صادف أنه في جمعٍ من الناس كان في الصف الأول من الصلاة، وإن جاء رمضان وكان في خلوة أفطر وإن كان بين الناس أظهر الصيام.
فإن منزلة هذا الشخص عند الخلق أحب إليه من منزلته عند ربّ الخلق.
هو متكاسل عن العبادات في الخفاء ونشيط أمام الناس.
3- الرياء بالنوافل والسُنن:فهذا يراءي بصلاة الجماعة وعيادة المرضى والسنن الرواتب وصوم النافلة، وكل ذلك حباً في أن يحمده الناس وخوفاً من أن يذمّوه.
(ب) القسم الثاني: وهو الرياء بأوصاف العبادات لا بأصولها، وهذا القسم على ثلاث درجات:
1- الرياء بفعل ما يكون تركه نقصان في العبادة:كالذي يصلي لله عزّ وجلّ وفي نيّـته تخفيف الركوع والسجود وقراءة قصار السور، ولكن إن رآه شخص أتمّ ركوعه وسجود وحسّن قراءته.
وكالذي يخالط صومه السبّ والشتم فإذا رآه الناس أظهر لهم عفة لسانه.
2- الرياء بفعل مُتّمّمٍ ومكمّلٍ للعبادت، ولا يُعَدّ نقصاناً فيها:كالذي يطيل سجوده وركوعه أمام الناس، ويقرأ السور الطوال، ويُظهر الوقار الهدوء وهو صائم وغيرها من الأفعال التي لا يُذَمُّ تاركها ولكنه يُحمد.
3- الرياء بأمور زائدةٍ على النوافل نفسها:كالذي يأتي لصلاة الجماعة قبل القوم، ويصلي في ميامن الصفوف –أي عن يمين الإمام- فلو كان وحده لترك فعل هذا كله والعياذ بالله،
بالإضافة لغيرها في الأفعال.
الركن الثاني:
المرائي لأجله –وهو مراد المرء ومطلبه وبُغيته من هذا الرياء-.
وهذا الركن ينقسم إلى ثلاث أقسام:
(أ) القسم الأول: الرياء للتمكن من معصية أو فجور:كالذي يُظْهِرُ التقوى والصلاح واجتناب أكل الحرام والشبهات، فَيُوَلّى أمراً من أمور الدولة فيسرق ويختلس وينهب.
وكالذي يَخْرُجُ للحج أو العمرة ليلاحظ النساء ويراقبهن.
(ب) القسم الثاني: الرياء للتمكن من أمر مباح من أمور الدنيا:كالذي يُظهِرُ الوعظ والتذكير لتُبذَلَ له الأموال،
والذي يُظهر الدين والوَرَع ليُزَوَّجَ بنات كبار القوم.
(جـ) القسم الثالث: الرياء لدفع ذم الناس له:وهو الذي يرى الناس في طاعاتهم وعبادتهم فيكون معهم، ولو خلا بنفسه كان يفعل شيئاً من ذلك.
كمن يترك المزاح أمام الناس كي لا يُقال أنه من أهل اللهو والعبث والتفاهة.
وكمن أفطر في عاشوراء أو يوم عرفة، ولكنه يُظهر الجوع والعطش.
الركن الثالث: وهو نفس قصد الرياء.وينقسم إلى أربعة أقسام:
(أ) القسم الأول: الرياء بالعمل من غير إرادة الثواب أصلاً:وهو كمن إن كان وحده لا يصلي وإن كان بين الناس صلى، وقد يصلي من غير طهارة، لا يريد يذلك أيّ ثواب.
والذي يتصدق وهو لذلك كارهٌ لكي لا يذمه الناس.
(ب) القسم الثاني: الرياء بالعمل برغبة ضعيفة في الثواب:فهو كالذي قبله ولكن تداخل قلبه رغبة ضعيفة في الأجر والثواب.
(جـ) القسم الثالث: الرياء بعملٍ قَصْدُ الرياء والثواب فيه متساويان:وذلك إن اجتمعت إرادة الثوب وإرادة الرياء معاً حصل الرغبة في العبادة،
وإن لم تجتمعا لم يعمل صاحب هذا النوع من الرياء شيئاً.فأجره على العمل يساوي عقاب رياءه في ذاك العمل،
فهو كمن لا له ولا عليه.
(د) القسم الرابع: الرياء القليل في العمل مع غلبة الإخلاص:فهو لا يترك صلاته وعبادته ولكن إطلاع الناس يجعله أكثر خشوعاً وإتماماً لعباته.
فلا يُحبط أجره ولكن يُعاقب على قدر الرياء الذي داخل عمله.
أسباب الرياء
السبب الأول: حب المنزلة والجاه:وهو من خالط قلبه حب الدنيا وغمر روحه.
السبب الثاني: لذة المحمدة:كالذي يقاتل ليقال: شجاع.
والذي ينفق ليقال: جواد كريم.
السبب الثالث: ذم الناس له:كالذي يصلي ويصوم كي لا يُتّهَمْ بالفسق والمعصية.
السبب الرابع: الطمع فيما عند الناس:وهو الذي يفعل ويفعل ليزوّجه الناس أو ليصلوه بالمال أو غيره.
علاج الرياء
العلاج الأول: كره المنزلة والجاه.
ويكون ذلك بأن يعلم أن الدنيا ومناصبها ومُلهِياتها حقيرة ذليلة،
وكما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (( الدنيا ملعونة ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله وما ولاه وعالماً ومتعلماً ))
[رواه الترمذي وحسّنه الألباني]
فاجعل قلبك خالياً من الرغبات الدنيوية –قدر المستطاع- من حب المناصب وحب رفعة المنزلة..
وروى الإمام أحمد: أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان بالبادية معتزلاً الفتنة،
فجاءه ابنه عمر عندما تصالح أمير المؤمنين علي ومعاوية –رضي الله عنهما- في عام الجماعة،
فقال عمر لأبيه: "أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟"
فضرب سعدٌ صدر ابنه، وقال: "أسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي".
فالعاقل لا يعمل لدنيا فانية قد آن زوالها، ولكنه يسعى لحياة باقية قد آن أوانها..
العلاج الثاني: تساوِ المدح والذم عندك.
أي ألا تكترث لمدح الناس وذمهم لك، فهما عندك سواء.
فتُحسِنُ إلى من يُهينك كما تُحسِنُ إلى من يمدحك.
فأنت يا ابن آدم لست إلا من نطفة مذرة –أي منيّ نجس-..
وبعدها تصير جيفة قذرة..
وأنت الآن تحمل البول والعذِرة –أي غائط-..
فقف وتفكّر من أنت؟؟
وعلامَ تعاليك في الأرض؟؟
بمالٍ يفنى أم بنسب ينقطع أم بجاهٍ زائل ؟!
تفكّر في ذنوبك ومعاصيك!! أما تستحي أن تُحمد وأنت غارقٌ في لهوك؟!
ولا تكترث لمن ذمّك وسبّك،
لأن هذا الأمر يزيد من حسناتك إن صبرت،
وهو كفارة لمعاصيك وذنوبك.
ولو عيّرك أحدهم بشيء فيك وفضحك، فاحمد الله أنه لم يفضحك بشيءٍ أكبر وأشنع.
وإن ذمك بشيءٍ فيك، فقد أهدى إليك عيوبك، وفطّنك لغفلتك ونبهك لهذه الخصلة الحقيرة،
فكن فرِحاً بهذا الأمر ولا تكن جاهلاً، فعليك إنتهاز هذه الفرصة ولو أنها موجعة، فانتهزها بأن تنقي عيوبك التي عيّرك بها.
فقد رُويَ أن أحد أجلاء التابعين موسى بن جعفر –من آل البيت- شتمه أحد الناس وهو بالمدينة، فأرسل موسى إلى الرجل سلة رطب،
فعجب منه الناس، فقال: "أهدى إلي الرجل حسناته، أفلا أهديه شيئاً من الرُطَب".
فإن شتمك كل البشر وأهانوك ولكن الله تعالى راضٍ عنك، فلا تحزن ولا تبالي..
وإن مدحك الناس كلهم وأجلوا مكانك والله ساخط عليك، فلن ينفعك مدحُ مادحٍ ولا شفاعة شافع..
ليت الذي بيني وبينلا اله الاالله عامرٌ ***** وبيني وبين العالمين خراب
إن صحّ منك الوُدُّ فالكلُّ هيّنٌ ***** وكل الذي فوق الترابِ تراب
العلاج الثالث: القناعة وقطع الطمع.
وقد قيل: القناعة كنزٌ لا يَفنى.
فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( من أصبح منكم آمناً في سربه –أي آمناً في أهله-، معافىً في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حيزَتْ له الدنيا ))
[رواه الترمذي وحسّنه الألباني]
وهذا هو عين الرضا بقضاء الله تعالى، فإن رضيت عن الله رضي الله عنك، وإن رضي الله عنك فهي الفرحة والمسرّة الأبدية.
وحتي تتم القناعة اعلم أن متاع الدنيا زائل، فلا تُتْعِب نفسك فيها، اجعل الدنيا في يدك لا في قلبك،
واعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر..
اعمل لدارٍ رضوان خازنها ***** والجار أحمدُ والرحمن عاليها
أرضٌ بها ذهبٌ والمِسكُ طينتها ***** والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومِن عسلٍ ***** والخمرُ يجري رحيقاً في مغانيها
فلا خير في دنيا كلها هم وغم وذنوب وإعراض،
وحيهلا بالحياة الأبدية فيها النظرة الإلهية والجيرة النبوية والزيجة الحُورانية..
العلاج الرابع: استذكار عقاب المرائي.
فاعلم أن الرياء من أنواع الشِرك، فقد جاء أن الإمام الجليل الفُضَيْلُ بن عِياض رضي الله عنه قال: "من ترك عملاً مخافة إتهامه بالمراءاة فقد أشرك."
فكيفَ إذاً بمَن يعمل ليراءي الناس ؟!فكيف بمَن لم يراعي حرمة الخالق وحدوده واستهان بأوامره ؟!
(( وإن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعوا به رجل جمع القرآن،
فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلتُ على رسولي؟!
قال: بلى يارب.قال: فماذا عملت بما علمت؟!
قال: كنت أقومُ به آناء الليل وآناء النهار.
فيقول الله له: كذبت،
وتقول له الملائكة: كذبت.
ويقول الله له: بل أردت أن يقال فلان قارئ، فقد قيل ذلك..
ثم يُسحب به إلى النار-والعياذ بالله-.. ))
[رواه الترمذي وصحّحه الألباني]
يا ابن آدم إن جهنم قعرها بعيد..
وحرها شديد..
ولها مقامع من حديد..
تبطش بمن عن الصراط يحيد..
الدواء الخامس: إخفاء بعض العبادات.
ففي هذا الموضع يجب غلق الأبواب على النوافل كما تُغلق على الفواحش..
وذلك إلى حين يقنع القلب بعلم الله واطلاعه على عبادته،
ولا تنازعه نفسه إلى طلب علم الخلقِ به..
وقد أمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصلاة –أي صلاة النافلة- في البيت بقوله: (( صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً ))
[رواه مسلم]
فصلاة السرّ في البيت كصلاة النافلة والتهجّد بعيداً عن أعين الناس، تريح النفس وتجلو عناء الدنيا.. وصدقة السر لها فضل عظيم وقدر جليل، فهي تُظِلُّ صاحبها في ظل الجليل سبحانه وتعالى..
الدواء السادس (مهم): دفع خاطر الرياء في الحال.
ولا بُدَّ من دفع الرياء بثلاث أمور:
(أ) المعرفة (المرحلة الأولى):وهي معرفة مخاطر الرياء على القلب، وعلى مصير الإنسان في الدنيا والآخرة، وكيف أنه يجري بخفاء في القلوب.
وتقوى المعرفة هذه بحب الله تعالى والتعلّق بالآخرة وبغض الدنيا والتفكّر في خلق الله.
(ب) الكراهة (المرحلة الثانية):وهي كراهة وإنكار ما قد يكون مآل ومصير الإنسان إن راءى، وتكون هذه الكراهة قلبية، وهذه الكراهة هي ثمرة (للمعرفة).
(جـ) الإباء (المرحلة الثالثة):وهو فعل العزم والتصميم والعقد على دفع الرياء ودحضه.
وهذا الإباء إن وُجِدَ في صاحب همةٍ بُتِر أصل الرياء وفرعه.
والإباء ثمرة (الكراهة).
فاللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل..
اللهم إنّا نعوذ بك من أصول الرياء وفروعه..
اللهم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلوبنا على دينك..
اللهم وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين..
اللهم اشف صدور عبادك وإماءك من شر الرياء والمُراءين..
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى