- هيثم الساعىعضو نشيط
- عدد الرسائل : 68
العمر : 50
الجنس :
الدوله :
العمل :
المزاج :
الهوايه :
عدد النقاط : 16949
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 03/07/2009
شرح اسماءالله الحسنى فى ضوء الكتاب والسنهالجزء الخامس
الخميس يوليو 23, 2009 5:35 pm
وهكذا وصف نفسه بالغضب في قوله : )وغضب الله عليهم ولعنهم( ووصف عبده بالغضب في قوله : )ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً ( وليس الغضب كالغضب .
ووصف نفسه بأنه استوى على عرشه ، فذكر في سبع آيات من كتابه أنه استوى على العرش ، ووصف بعض خلقه بالاستواء على غيره ، في مثل قوله : ) لتستووا على ظهوره ( وقوله : ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ( وقوله : ) واستوت على الجودي ( وليس الاستواء كالاستواء .
ووصف نفسه ببسط اليدين ، فقال : ) وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ( ووصف بعض خلقه ببسط اليد ، في قوله : ) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ( ، وإذا كان المراد بالبسط الإعطاء والجود فليس إعطاء الله كإعطاء خلقه ، ولا جوده كجودهم . ونظائر هذه كثيرة .
فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه ، ونفي مماثلته لخلقه ، فمن قال : ليس لله علم ، ولا قوة ، ولا رحمة ، ولا كلام ، ولا يحب ولا يرضى ، ولا نادى ولا ناجى ، ولا استوى – كان معطلاً ، جاحداً ، ممثلاً لله بالمعدومات والجمادات . ومن قال : [له'> علم كعلمي ، أو قوة كقوتي ، أو حب كحبي ، أو رضا كرضاي ، أو يدان كيديَّ ، أو استواء كاستوائي – كان مشبهاً ، ممثلاً لله بالحيوانات ، بل لابد من إثبات بلا تمثيل ، وتنزيه بلا تعطيل .
وقد بين الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى . ((لأن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات :
الاعتبار الأول : اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد .
الاعتبار الثاني : اعتباره مضافاً إلى الرب مختصاً به .
الاعتبار الثالث : اعتباره مضافاً للعبد مقيداً به . فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتاً للرب والعبد للرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به . وهذا كاسم السميع الذي يلزمه رؤية المبصرات والعليم والقدير وسائر الأسماء ؛ فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه بل يثبت له على وجه لا يماثل فيه خلقه ولا يشابههم فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله . ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أثبته على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك . وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به . وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى ما هو عال عليه وكونه محمولاً به مفتقراً إليه محاطا به . كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزم القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق فإذا أحطت بهذه القاعدة خبراً وعقلتها كما ينبغي خلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين آفة التعطيل وآفة التشبيه فإنك إذا وفيت هذا المقام حقه من التصور أثبت لله الأسماء الحسنى والصفات العلى حقيقة فخلصت من التعطيل ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه فتدبر هذا الموضع واجعله جنتك التي ترجع إليها في هذا الباب والله الموفق للصواب .
وقال ابن القيم رحمه الله : اختلف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد كالحي ، والسميع ، والبصير ، والعليم ، والقدير ، والملك ونحوها فقالت طائفة من المتكلمين هي حقيقة في العبد مجاز في الرب وهذا قول غلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فساداً . الثاني مقابلة وهو أنها حقيقة في الرب مجاز في العبد وهذا قول أبي العباس الناشي . الثالث أنها حقيقة فيهما وهذا قول أهل السنة وهو الصواب . واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما . وللرب تعالى منها ما يليق بجلاله وللعبد منها ما يليق به .
المبحث الثاني عشر : أمور ينبغي أن تعلم .
الأمر الأول : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء ، والموجود ، والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا .
الثاني : أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد ، والفعال ، والصانع ؛ فإن هذه الألفاظ لا تدخل من أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلاً وخبراً .
الثالث : أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل ، الفاتن ، الماكر ، تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة والله أعلم .
الرابع : أن أسماءه الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى .
الخامس : أن أسماءه الحسنى لها اعتبارات اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالاعتبار الأول مترادفة وبالاعتبار الثاني متباينة .
السادس : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفاً كالقديم ، والشئ ، والموجود ، والقائم بنفسه . فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو لا يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع .
السابع : أن الاسم أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلاً ومصدراً نحو السميع ، البصير ، القدير ، يطلق عليه من السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو (قد سمع الله ) . (وقدرنا فنعم القادرون) هذا إن كان الفعل متعدياً . فإن كان لازماً لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حيي .
الثامن : أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله . والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل . فالرب لم يزل كاملاً فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كَمُلَ ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به .
التاسع : أن الصفات ثلاثة أنوع : صفات كمال ، وصفات نقص ، وصفات لا تقتضي كمالاً ولا نقصاً وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسماً رابعاً وهو ما يكون كمالاً ونقصاً باعتبارين والرب تعالى منـزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول وصفاته كلها صفات كمال محض فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله . وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيراً بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم . وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه ، والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر .
ومن صفات الإحسان البر ، الرحيم ، الودود، دون الشفوق ونحوه . وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف . وكذلك الكريم دون السخي ، والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل ، والغفور العفو دون الصفوح الساتر . وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه فتأمل ذلك فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمّى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون .
المبحث الثالث عشر : مراتب إحصاء أسماء الله الحُسنى .
هذا بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة مدار النجاة والفلاح .
المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعددها .
المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .
المرتبة الثالثة : دعاؤه بها كما قال تعالى ) ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ( وهو مرتبتان :
إحداهما : ثناء وعبادة .
والثاني : دعاء طلب ومسئلة فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى وكذلك لا يسئل إلا بها فلا يقال : يا موجود ، أو يا شئ ، أو ذات أغفر لي وارحمني بل يُسئل في كل مطلوب باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم . ومن تأمل أدعية الرسل ولا سيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا وهذه العبارة أولى من عبارة من قال : يتخلق بأسماء الله فإنها ليست بعبارة سديدة وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله قدر الطاقة . وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال . فمراتبها أربعة أشدها إنكاراً عبارة الفلاسفة وهي التشبه . وأحسن منها عبارة من قال التخلق . وأحسن منها عبارة من قال التعبد . وأحسن الجميع الدعاء ويه لفظ القرآن .
يتبع
ووصف نفسه بأنه استوى على عرشه ، فذكر في سبع آيات من كتابه أنه استوى على العرش ، ووصف بعض خلقه بالاستواء على غيره ، في مثل قوله : ) لتستووا على ظهوره ( وقوله : ) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ( وقوله : ) واستوت على الجودي ( وليس الاستواء كالاستواء .
ووصف نفسه ببسط اليدين ، فقال : ) وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ( ووصف بعض خلقه ببسط اليد ، في قوله : ) ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ( ، وإذا كان المراد بالبسط الإعطاء والجود فليس إعطاء الله كإعطاء خلقه ، ولا جوده كجودهم . ونظائر هذه كثيرة .
فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه ، ونفي مماثلته لخلقه ، فمن قال : ليس لله علم ، ولا قوة ، ولا رحمة ، ولا كلام ، ولا يحب ولا يرضى ، ولا نادى ولا ناجى ، ولا استوى – كان معطلاً ، جاحداً ، ممثلاً لله بالمعدومات والجمادات . ومن قال : [له'> علم كعلمي ، أو قوة كقوتي ، أو حب كحبي ، أو رضا كرضاي ، أو يدان كيديَّ ، أو استواء كاستوائي – كان مشبهاً ، ممثلاً لله بالحيوانات ، بل لابد من إثبات بلا تمثيل ، وتنزيه بلا تعطيل .
وقد بين الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى . ((لأن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات :
الاعتبار الأول : اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد .
الاعتبار الثاني : اعتباره مضافاً إلى الرب مختصاً به .
الاعتبار الثالث : اعتباره مضافاً للعبد مقيداً به . فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتاً للرب والعبد للرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به . وهذا كاسم السميع الذي يلزمه رؤية المبصرات والعليم والقدير وسائر الأسماء ؛ فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه بل يثبت له على وجه لا يماثل فيه خلقه ولا يشابههم فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله . ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أثبته على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك . وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به . وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى ما هو عال عليه وكونه محمولاً به مفتقراً إليه محاطا به . كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزم القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق فإذا أحطت بهذه القاعدة خبراً وعقلتها كما ينبغي خلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين آفة التعطيل وآفة التشبيه فإنك إذا وفيت هذا المقام حقه من التصور أثبت لله الأسماء الحسنى والصفات العلى حقيقة فخلصت من التعطيل ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه فتدبر هذا الموضع واجعله جنتك التي ترجع إليها في هذا الباب والله الموفق للصواب .
وقال ابن القيم رحمه الله : اختلف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد كالحي ، والسميع ، والبصير ، والعليم ، والقدير ، والملك ونحوها فقالت طائفة من المتكلمين هي حقيقة في العبد مجاز في الرب وهذا قول غلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فساداً . الثاني مقابلة وهو أنها حقيقة في الرب مجاز في العبد وهذا قول أبي العباس الناشي . الثالث أنها حقيقة فيهما وهذا قول أهل السنة وهو الصواب . واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما . وللرب تعالى منها ما يليق بجلاله وللعبد منها ما يليق به .
المبحث الثاني عشر : أمور ينبغي أن تعلم .
الأمر الأول : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء ، والموجود ، والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا .
الثاني : أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد ، والفعال ، والصانع ؛ فإن هذه الألفاظ لا تدخل من أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلاً وخبراً .
الثالث : أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل ، الفاتن ، الماكر ، تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة والله أعلم .
الرابع : أن أسماءه الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى .
الخامس : أن أسماءه الحسنى لها اعتبارات اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالاعتبار الأول مترادفة وبالاعتبار الثاني متباينة .
السادس : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفاً كالقديم ، والشئ ، والموجود ، والقائم بنفسه . فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو لا يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع .
السابع : أن الاسم أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلاً ومصدراً نحو السميع ، البصير ، القدير ، يطلق عليه من السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو (قد سمع الله ) . (وقدرنا فنعم القادرون) هذا إن كان الفعل متعدياً . فإن كان لازماً لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حيي .
الثامن : أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله . والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل . فالرب لم يزل كاملاً فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كَمُلَ ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به .
التاسع : أن الصفات ثلاثة أنوع : صفات كمال ، وصفات نقص ، وصفات لا تقتضي كمالاً ولا نقصاً وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسماً رابعاً وهو ما يكون كمالاً ونقصاً باعتبارين والرب تعالى منـزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول وصفاته كلها صفات كمال محض فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله . وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيراً بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم . وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه ، والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر .
ومن صفات الإحسان البر ، الرحيم ، الودود، دون الشفوق ونحوه . وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف . وكذلك الكريم دون السخي ، والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل ، والغفور العفو دون الصفوح الساتر . وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه فتأمل ذلك فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمّى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون .
المبحث الثالث عشر : مراتب إحصاء أسماء الله الحُسنى .
هذا بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة مدار النجاة والفلاح .
المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعددها .
المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .
المرتبة الثالثة : دعاؤه بها كما قال تعالى ) ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ( وهو مرتبتان :
إحداهما : ثناء وعبادة .
والثاني : دعاء طلب ومسئلة فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى وكذلك لا يسئل إلا بها فلا يقال : يا موجود ، أو يا شئ ، أو ذات أغفر لي وارحمني بل يُسئل في كل مطلوب باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم . ومن تأمل أدعية الرسل ولا سيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا وهذه العبارة أولى من عبارة من قال : يتخلق بأسماء الله فإنها ليست بعبارة سديدة وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله قدر الطاقة . وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال . فمراتبها أربعة أشدها إنكاراً عبارة الفلاسفة وهي التشبه . وأحسن منها عبارة من قال التخلق . وأحسن منها عبارة من قال التعبد . وأحسن الجميع الدعاء ويه لفظ القرآن .
يتبع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى