- سوسو الشقيةعضوه مميزه
- عدد الرسائل : 248
العمر : 27
الجنس :
الدوله :
العمل :
المزاج :
الهوايه :
عدد النقاط : 16760
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 26/12/2009
الأوسمة :
جوانب تفضيلية للمراة في الاسلام
الأربعاء أغسطس 04, 2010 12:33 am
بسم الله الرحمن الرحيم
جوانب تفضيلية للمرأة في الإسلام
الدكتور / محمد محروس المدرس الأعظمي
الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا - قسم الفقه والأصول
الحمد لله الحكيم في فعله ، العادل في حكمه ، العليم بخلقه ، {..لا يضل ربِّي ولا ينسى } (طه 52) لا تعتريه العوارض ، فهو : لا ينام ... ولا يفرح ... ولا يأسى .
وأصلي على المبعوث للناس رحمة ، وعلينا - نحن المسلمين - استجلاءها بكلِّ همَّة ، جاءنا بالمحجة البيضاء التي لا يعشو ناظرها ، ولا يذبل ناضرها .. ولا تعتريها غُمَّة .
والصلوات على الأتقياء من أمته وهم آله ، وعلى الصفوة من الخلق وهم صحابته ، وعلى علماء الأمة وهم للدين دعاته .
وبعد ~~
فلقد أشاع العتاة من المعاندين كون الإسلام يُهين المرأة ، لأنه:
1- نصَّف شهادتها في قوله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .. } البقرة / 282 .
2- نصَّف ميراثها في قوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... } النساء / 11 ، وفي قوله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنَّ ولد فإن كان لهنَّ ولد فلكم الربع مما تركن ... ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لهنَّ ولد فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثُمُن مما تركتم .. } النساء/12
وقوله تعالى : { ... .. وإن كانوا إخوةً رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين ... .} النساء / 176 .
3- جعل للرجل عليها قِوامةً في قوله تعالى : { الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بهضٍ وبما أنفقوا من أموالهم .. } النساء / 34 .
وما رعى لها - قط - حرمةً !
وما أريد مناقشة تلك التهم ، ففي ذلك ضعف يجعلنا مدافعين .. وليس من دافع كمن هجم ، فالهجوم أفضل وسيلة للدفاع
ولقد تولى أمر هذه الشبهات - أكثر من غيره - : النصارى ! ، فاليهود انتهى أمر دسائسهم بعد طردهم من جزيرة العرب ، وبقيت ضغائنهم في نفوسهم ، وهم يخرجونها اليوم بمساندة القوى النصرانية المتحكمة بالعالم ، في حين تناءت النصرانية في بداية عهد الصراع مع اليهود عنه ، وبدت وكأنها [ محيَّدة ] ! ، إذ بعد مجيئهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة قادمين من نجران في جنوب الجزيرة ، طلب منهم رسول الله عليه الصلاة والسلام [ المباهلة ] منهم ، فانسحبوا ولم يبدر منهم كلام ، وحتى من كبار رجال دينهم ، سواء في : الجزيرة ، أو الشام ، أو الحبشة ، أو حتى روما .. أو غيرها من مراكز النصرانية في العالم في ذلك الحين .
ثم ظهرت الصليبية باعتبارها دعوة منظمة في القرون الوسطى النصرانية ، وازداد أوارها ، واستعرت نارها ، وتجرأت على بلاد المسلمين ، ومسرى رسول ربِّ العالمين ، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ، إلى أن قيض الله من كسر شوكتهم ، ثم دعاهم ذلك إلى الانسحاب ، والانكفاء في أوربا ، وخابت آمال [ الباباوات ] القابعين في قصور وحصون ، وجنات ونعيم ، وزروع ومقامٍ كريم ، ولا يتحملون من عبء أتباعهم شيئاً ، فشتان بينهم وبين قادة المسلمين في كل أدوار التأريخ !
ثم جاءت الصليبية المعاصرة ، فاتخذت أساليب جديدة غير أسلوب المجابهة التي انتهجها أسلافهم ، فكانت : البعثات التبشيرية ، وبعثات ظاهرها البحث عن الآثار ! ، أو حبُّ السياحة والاستطلاع .. بحجة انبهارهم بسحر الشرق وما فيه ! ، وباطنها من قبله العذاب .
ثم بدأ الاستشراق .. وهي حركات اتخذت ظاهراً علمياً معلناً وهو البحث عن خفايا الشرق ! ، وحقيقة أهدافها هو .. ما ظهر منها في العصور اللاحقة ، بدراسة الأديان - مع جملة أهدافٍ أخرى - ثم نفث السموم ، وبث الشبهات .. الخ
وحينما بدأت النهضة الصناعية الكبرى في بلادهم ، بدأت سهام نقدهم تظهر وتبدو ، وبعد الحبو أخذت تبرز وتعدو ! ، مستغلين تقدمهم في الجوانب التطبيقية في العلم ، وبدء اتساع الهوة بين الفريقين ، فأدخلوا الدين في البين ! ، وقالوا : دينكم يؤدي إلى التأخر ، وديننا أوصلنا إلى هذا التقدم ، متجاهلين موقف الكنيسة من بوادر النهضة ، وقتلها بعض من صرحوا بخلاف معتقدها ، لما استبان لهم من أمر ، واتضح من بعد نظر ! .
ثم ظهر المدُّ العسكريُّ الأوربي الذي أدى إلى احتلال غالب ديار المسلمين منهم ، ثم قضائهم على الخلافة الإسلامية ، وقبلها - عند بدوِّ بوادر الضعف في الدولة العثمانية - تجرؤا على المسلمين جرأة عظيمة ، وحصلوا على الامتيازات لبعثاتهم التبشيرية ، وكذبوا أنفسهم بأنفسهم حين ردَّدوا شعار : فصل الدين عن الدولة ! فانتشرت المدارس النصرانية في شتى بقاع المسلمين ، وتواردت البعثات التبشيرية على شتى البقاع والأصقاع ، ولعبوا دوراً مهماً في التمهيد للغزو الأوربي لبلاد المسلمين في مطلع القرن العشرين العيسوي ، فما حلَّ جيشٌ أوربيٌّ في بلد من بلاد المسلمين ، إلاَّ وكان المبشرون .. سابقوه ! ، أو لاحقوه ! ، أو ملازموه !
ولقد تجرأ القوم في عصورنا المتأخرة .. فما تركوا سبيلاً إلاَّ وسلكوه ، وذلك لأجل التشكيك بالشريعة الغرَّاء ، ودين الفطرة والفضل والفضلاء ، وهي دين آخر الزمان ، التي أتمَّها الله جلَّ وعلا بشهادته من فوق سبع سماوات ... فكان لزاماً :
مقارعة الحجة بالحجة ، ودحض التهمة ، ببيان وتوضيح ، ومخاطبة للعقل السليم الصحيح ، والانتصار لله ولرسوله ، ولدينه ، وملته .
ولقد تعددت الجهات التي أراد الأعداء التسلل منها إلى حصوننا المنيعة ، وشرَّقوا وغرَّبوا ! ، وجمعوا ولملموا ! ، والتمسوا من مكذوب الروايات سنداً ! ، ومن سوء فهمهم للعربية تكأةً ! ، فحملوا النصوص على غير ما تحتمل ! ، وفهموا منها ما لا يفهمه أهل الإيمان والبيان ! ، والعارفين بأساليب القرآن
ومما أثاروا من أمرٍ متهافت ، وقولٍ ساقط ، ما أسموه بـ [ قضية المرأة ] ! ،
وسنتخذ سبيل الهجوم وسيلة لدفاعنا - كما ألمعنا - ، فالانشغال برد ترهاتهم لا تجدي ولن تجدي ، ولكن سنورد لهم بعضاً مما يخالف أقوالهم من أحكام هذه الشريعة ، فيكونون هم المطالبين بالرد - إن جدوه - ، ويكونون هم المطالبين بالنقض - إن التمسوه - ... فسنسير معهم في الاتِّجاه المعاكس - كما يقولون - ! .
ونقول لهؤلاء .. أنَّ للمرأة في الإسلام نوع أفضليَّة ، يجدها المتتبع في جوانب من الأحكام مهمَّة ، ونوردها - هنا - باختصار تباعاً :
المبحث الأول
الخِطبة
جعل الإسلام المرأة [ مخطوبة ] في قوله تعالى : { ولا جُناح عليكم فيما عرَّضتم من خِطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم ... } البقرة / 235 .
والمخطوبة مطلوبة ، والمطلوبة مرغوبة ، والمرغوب يسعى إليه الآخرون ، ولا يسعى هو إلى أحد ! .. فيأتي لطلب يدها من أهلها ، من أعيان الرجال : العلماء ، والأشراف ، وذوي الوجاهة ، وذوي المروءة والمكانة .
لكن ما الذي فعلته بها المدنية الحديثة ؟ .
جعلتها تسعى هي إلى الرجل ، فتعرض عليه نفسها عرضاً ، وتحاول أن تستهويه بإظهار المفاتن ، وقد يُعرض عنها ، فتصبح [ مرفوضة ] بعد أن كان الرفض بيدها وهي مخطوبة ، والطلب من غيرها !! .
ومن كان هذا شأنها ستجعل الرجل - ولو بعد الزواج - ينظر إليها نظرة : استعلاء لما بذلته له من كرامتها ، ونظرة ريبة لما بدأته من طلبها إياه لنفسها ، فسيتصور أنَّها فعلت ذلك مع غيره ! ، ولا يستبعد منها فعل ذلك في كلِّ حين - ولو بعد زواجها منه - ! ، فالمعتاد يستسهل تكرار العادة ! .
المبحث الثاني
عدم الانسلاخ من اهلها ونسبها
أبقى الإسلام صلتها بذويها ، ترثهم ويرثونها ... في قوله تعالى : { للرجال نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيبٌ ممَّا ترك الوالدان والأقربون ممَّا قلَّ منه أو كثُر نصيباً مفروضاً }
وأبقاها منتسبة لأبيها ... يقول تعالى : { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم }( الأحزاب / 5 .)،
وتعود لبيته إن لم توفق في زواجها .
في مقابل هذا .. نجدها : قلَّدت النصارى ، فتركت إسم أبيها وحملت اسم زوجها ! ، لأن القس يوصيهما - تبعاً للإنجيل - بترك أبيهما وأمهما والإلتصاق ببعضهما.
وفي هذا تغيير للإنتساب الذي دعى الإسلام إليه ... { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله .. }( الأحزاب / 5)، لكن في فعلهم - الذي قلَّدته المرأة - قطع لصلة الرحم ، وتغيير للفطرة .
والذي يدعو النصارى لمثله : أنهم لا ينفق بعضهم على بعضٍ وقت العوز والفاقة ، ولا إرث للنساء بل الإرث للإبن الأكبر ! ، وفي أحايين أخرى ليس لأيٍّ منهما .. بل للكلاب أو القطط وما شابه ذلك !! .
ومع إنكارهم على المسلمين في أمر القِوامة ، إلاَّ أنَّهم يجعلون للرجل عندهم سلطةً تفوق القوامة ، فـ [ ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل .. ]
وتذكر التوراة : [ .. وكل بنت ترث ميراثاً من أسباط بني إسرائيل فلتكن زوجة لواحد من عشيرة سبط آبائها ، لكي يرث بنو إسرائيل كل منهم ميراث أبيه !! ]( العهد القديم [ التوراة ] / سفر العدد - الفصل السادس والثلاثون).
المبحث الثالث
الكفاءة
فرض الله [ الكفاءة ] في الزواج لصالحها وليس لصالح الرجل ، فالملوك تتزوج عبيدها ، وبنات الملوك لا يتزوجهن السُوُقة ، وبنات العلماء لا يزوجنَّ للجهَّال - إن أبين - لشرف العلم على الجهل .. نعم .. إن تنازل الأولياء عن ذلك ، ولم تتمسك بذلك هي ، جاز زواجها ممن ذكرنا ! ، فهي وأولياؤها أصحاب الكلمة الفصل في التجاوز عن هذا .
فالمعلوم أن المرأة تصاب بالعار من زوجٍ هو أدنى منها ، فدفعت الشريعة عنها ذلك بإعطائها هذا الحق دونه ! .
فالرجل يسعى لأن يكون بمستوى المرأة !! ، وهي غير مطالبة بذلك ! .
المبحث الرابع
المهر
فرض الله [ المهر ] لها دونه ، واهتم به الله عز وجل من فوق السبع الطباق ، فقال تعالى : { .. قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم .. }( الأحزاب / 50 .)،
فالفرض الذي فرضه الله تعالى عليهم لهنَّ ، ولذلك قالوا هو تعظيم لأمر النكاح بنص الكتاب ، فالاشتغال به أولى من الاشتغال بالعبادة النافلة
ولا يقال أنَّ المهر هو [ ثمن البضع ] فذلك مما لم ترد به النصوص ، بل وتخالف ذلك على ما سنذكر ، والقواعد الشرعية لا تسعفنا في جعل المهر ثمناً ، لأن الثمن يجب أن يكون متوازناً مع المثمن ، ولا أدري كيف يتحقق ذلك في استحقاق المرأة لنصف المهر إذا حصلت الفرقة - لأيِّ سببٍ كان - قبل الدخول ، فأين البضع ؟ ! .
إذن .. ما هي حكمة فرض المهر ؟؟ .
ففي البدء أنَّ المهر هو هديةٌ من الزوج للزوجة ، وتحديد هذا الوصف للمهر هو ما نصَّ عليه القرآن الكريم بقوله تعالى : { وآتوا النساء صدُقاتهنَّ نِحْلة فإن طبن لكم عن شئٍ منه نفساً فكُلُوه هنيئاً مريئاً }( النساء / 4 .).
أي : أعطوا ما تعطون للنساء عند الزواج على سبيل الهدية ، وليس على سبيل المعاوضة ، فالصدُقات هو لغةً في الصداق .
والصداق : برهان من الرجل على صدق نيَّته في توجهها إلى إتمام العقد وإبرامه ، وبعكس ذلك سوف يشغل النساء كلَّ يوم بخِطبة غير جادَّة ، لأنه لا يُضارُّ لا ماديَّاً ولا معنوياً ! .
ولمَ هذه [ النِحْلة ] ؟ .
هي : برهان من الزوج لزوجته المقبلة عند طلب يدها ، بأنه :
1. أصبح كاسباً بعد إذ كان ينفق عليه أبوه ، أو أهله .
2. وأنَّه ممن تطيب نفوسهم بالإنفاق ، وليس ممن يكنزون ما يردهم ويحجبونه عن أعز من يعزُّونه ، فهو ليس شحيحاً ، ولا مُمسكاً ، ولا بخيلاً .
فهكذا نجد أن الرجل هو الذي يبرهن على ما ذكرنا ، ويضعه بين يدي المرأة ، وهي التي تقبل أو ترفض ! .. أليست هي الأرفع في مثل هذه الحالة ؟ ! .
وما ورد في بعض الآيات من لفظ الأجر فالمقصود به [ المهر ] لا غير ، فهو يعني المجازاة ، والمكافأة .. وليس الثمنية كما في أجرة الدار والسيَّارة ..
أرأيت أن الباري عزَّ وجلَّ سمَّى ما يُكافئ به العبد عن الطاعة [ أجراً ] ، فهل العبد مستأجرٌ لله لكي يقوم بعبادته ؟؟ ! ، سبحانك ربِّي إنَّه بهتانٌ عظيم .
المبحث الخامس
أفضليتها على الرجل في مسألة البلوغ .. وتضررها بالمساواة
جعلت الشريعة [ البلوغ ] في قوله تعالى : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ... } النساء / 6 .عند المرأة والرجل - وهو : بلوغ القدرة على النكاح - عنواناً لاكتمال العقل ، فتمام العقل .. أمر غير ظاهر ، وأمر غير منضبط
فكونه غير ظاهر : أنه ليس هناك مقياس معين لمعرفة اكتمال العقل ، ولا علامات تظهر لتدل على كمال العقل .
وكونه غير منضبط : فقد ترى اليافع يجالس المسنين ويجاريهم ، وقد ترى الشيخ يجالس الأغرار من الصبيان ويظن نفسه منهم ! .
لهذا لجأت الشريعة - كما في أحكامٍ أخرى - إلى : الظاهر ، وإلى المنضبط ، لتكون أحكامها متَّسقة ، وغير متفاوتة ، ولهذا جعلت الشريعة [ البلوغ ] عنواناً على اكتمال العقل ، لظهوره وانضباطه .
فبلوغ المرأة يكون : 1. بالحيض(عن عائشة ( رض ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تقبل صلاة الحائض إلاَّ بخمار .. } ، وقوله .. الحائض : يعني المرأة البالغ ، يعني إذا حاضت .. ] سنن الترمذي / كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله / ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إذا حاضت إلاَّ بخمار .)،
وهو دلالة بلوغ الحُلُم ، أي القدرة على الحمل
وبلوغ الرجل يكون : 1. بالإنزال وهو : دلالة بلوغ الحلم الذي يجعله بالغاً مبلغ الرجال(في قوله تعالى : { يا الها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ثلاث مرات ... ، وإذا بلغ الأطفال منكم الحُلُم فليستئذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليمٌ حكيم } النور - 58 إلى 59).
وحيض المرأة يكون في البلاد الحارة بسن التاسعة غالباً ، فإن تأخر فإلى سن الثانية عشرة ، وأقصى سنٍّ تعتبر معه المرأة بالغة - برأي الفقهاء - هو سن [ 15 ] الخامسة عشرة ، إذا تأخر حيضها لأيِّ سبب .
وإنزال الرجل يكون في سنِّ الثانية عشرة في البلاد الحارَّة غالباً ، فإن تأخر فإلى سنِّ الخامسة عشرة ، وأقصى سنٍّ يعتبر معه الرجل بالغاً - برأي الفقهاء - هو سن [ 18 ] الثامنة عشرة ، إذا تأخر إنزاله لأيِّ سبب(4).
فهي تنال قبل الرجل - ما بين ثلاث إلى ست سنوات - :
أ. حقوقها السياسية - ناخبةً ومنتخَبة - .
ب. وتستلم أموالها من يدِّ الوليِّ أو الوصيِّ لتنفرد هي بالتصرف فيها .
ج. وتختار نفسها عند البلوغ إذا زوَّجها قبل البلوغ الأولياء من غير الأب والجد .
د. ويكون لها حقُّ تزويج نفسها - على رأي من يقول بذلك - .
وحين ساوت القوانين الوضعية بين الرجل والمرأة في سن البلوغ ، وجعلته سن [ 18 ] الثامنة عشرة لكليهما(30 المادة [ 108 ] م.ع التي تقول : سن الرشد هي ثماني عشرة كاملة . ولم تفرق بين : الرشد والبلوغ ، ولا بين المرأة والرجل .)- في غالب البلاد الإسلامية - فقد أصيبت المرأة بالضرر ، لأنه سيتأخر نيلها لحقوقها التي ذكرناها للمدة التي بيناها .
والأشدُّ وطأةً من كلِّ ذلك هو : وضعها تحت [ إكراه قانوني ! ] للعيش مع من لا تحب لمدة تتراوح بين ثلاث إلى ست سنوات ، إذ سيتأخر اختيارها لنفسها طول تلك المدة ، في حالة تزويجها وهي صغيرة من غير أبيها أو جدِّها، فإ زوجها أبوها أو جدها ، فلا خيار لها عند البلوغ ، وذلك لظهور شفقتهما ، ولعدم التهمة منهما في غالب الحال
المبحث السادس
معادلة شهادتها لشهادة أربعة رجال
جعلت الشريعة شهادة المرأة الواحدة تعدل [ أربعاً ] من شهادات الرجل ، فقد قبل الشرع شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطَّلع عليه إلاَّ النساء .. كإثبات البكارة أو عدمها ، وإثبات الدخول بزوالها بالزواج ، وإثبات الولادة للمولود ، وإثبات استهلال المولود - أي : خروج صوت منه بعد ولادته وقبل وفاته - ، أو إثبات ولادته ميتاً
وفي إثبات ما تقدَّم من الآثار الخطيرة ما لا يخفى :
1. فبولادة المولود حيَّاً ، يستحق : الميراث ، وما أوقف عليه من وقفٍ وهو جنين ، وما أوصي إليه به وهو جنين .
2. وقد يثبت له [ المُلك !! ] في المَلَكيَّات الوراثية ، فهي تشهد على صحة ولادة الأم له ... وليس كونه مولوداً مدَّعى ! ، وكم من مفاسد في التأريخ حصلت بهذا الادعاء ، أو التبديل !!.
فإذا لم تشهد [ القابلة ] بالولادة ، وبالولادة مع الحياة ، فقد تكون التركة تقدَّر بالملايين التي لا تدخل في ذمة ذلك الوليد ، وبالتالي لا يستحقها ورثته ، بل تنتقل إلى ورثة مورثه عداه !.
وكذلك استحقاقه للإرتزاق في الوقف ، أو دخول المال الموصى به في ذمته .. وقد تكون تلك الأمور أموالاً جمَّة ، لا يستحقها هو ، أو ورثته إن مات بعد ولادته حيَّاً ! .
وإذا لم تشهد القابلة لا يكون الوليد وليَّاً للعهد ، أو قد يستبدل بغيره .. وأحداث التأريخ في مثل هذا كثيرة .
فأيَّة ثقةٍ هي تلك الثقة التي أعطاها الشرع المنيف للمرأة الواحدة ؟ ! .
فإذا علمنا أنَّ حدَّ [ الزنا ] لا يثبت إلاَّ بشهادة أربعة من الرجال فقط(لقوله تعالى : { .. فاستشهدوا عليهن أربعةً منكم .. } النساء / 15 وقوله تعالى : [ والذين يرمون المحصنات ث ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم .. } النور / 4 ، وقوله تعالى : { لولا جاؤوا عليه بأربعةِ شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } النور / 13 .)، كانت حينئذٍ شهادتها تعدل أربع شهادات للرجال !! ، لأن الزنا واقعة .. والولادة واقعة !! .
فإذا نصَّف الشارع الحكيم - لأسبابٍ التزمنا ألاَّ نتكلم عنها هنا - ، فهو قد ساواها بأربعة رجال في مواضع أخرى !! .
المبحث السابع
تفضيلها في خطاب الشارع الحكيم
تفضيلها على الرجل في خطاب الشارع الحكيم - فمن المعلوم أن خطاب الأحكام في القرآن الكريم يدور بين أمرين اثنين : إفعل [ طلب الفعل ] ، ولا تفعل [ طلب الترك ] .
وطلب الفعل يكون بصيغ معلومة في اللغة العربية .. هي :
صيغ فعل الأمر كافة .
المصدر النائب عن الفعل ، وهو لا ينوب إلاَّ عن فعل الأمر .
اسم فعل الأمر .
الفعل المضارع المقترن باللام .
صيغة الخبر الدَّالة على الطلب
فإذا كان الخطاب للرجال والنساء كان بالصيغ الأربعة الأولى ، وفيها شدَّة تناسب الطلب ، وتأكيد على طلب التنفيذ ، فإذا كانت المرأة مع الرجل في ذلك الخطاب ، أصابها من الشدة التي خوطب بها ، ومن التأكيد القويِّ ، فكانت مساواتها به وبالاً عليها ! .
وإذا كان الخطاب لها دون الرجال ، خوطبت بالطريقة الخامسة الدَّالة على : الرقة ، والتحبب ، والتحنن ، والقائمة على الثقة بالمخاطَبة .
ونمثل لكل ما تقدم لنرى الفارق - حسب التسلسل أعلاه - :
1. قوله تعالى : { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين }( البقرة / 43 .)،
وقوله تعالى : { قوا أنفسكم وأهليكم نارا .. }( التحريم / 6 .).
2. قوله تعالى : { يا أيُّها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا فضربَ الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدُّوا الوَثاق فإمَّا منَّاً بعد وإمَّا فداءا حتى تضع الحرب أوزارها }( محمد / 4 .).
3. مثل : صه ، مه ، آمين .. .
4. قوله تعالى : { يا أيُّها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجلٍ مسمىً فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأبَ كاتبٌ أن يكتب كما علَّمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتَّقِ الله ربَّه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحقُّ سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يستطيع أن يملَّ هو فليملل وليُّه بالعدل .. }( البقرة / 282 .).
5. قوله تعالى : { والوالدات يُرضعن أولادهنَّ حولين كاملين لمن أراد أن يُتمَّ الرضَاعة وعلى المولود له رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف .. }( البقرة / 232 .).
وقوله تعالى :{ والمطلَّقات يتربصنَّ بأنفسهنَّ ثلاثة قروء .. }( البقرة / 238 .).
وقوله تعالى : { والذين يُتوَفَون منكم ويَذَرون أزواجاً يتربَّصنَّ بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرا ..}( البقرة / 234 .).
وقوله تعالى :{ وأولات الأحمال أجلُهنَّ أن يضعن حَمْلهنَّ }( الطلاق / 4 .).
فالآية الأولى - من الأسلوب الخامس - تعني : يا أيَّتها المرأة إن تزوجتي ، ورزقت بولد ، فسترضعين ولدك سنتين كاملتين إذا أراد الزوج ذلك ، فالباري عزَّ وجلَّ لا يقول لها : يا أيتها الوالدة ارضعي .. ، أو رضاعِ .. ، أو رضاعاً .. ، أو لترضعي .. ، فكلُّ ذلك فيه : شدَّة ، وقوَّة ، وجزم ، وحزم ، وكلُّ ذلك لا يلتئم مع رقَّة المرأة ، وشدَّة حسَّاسيَّتها ، فناسبها الخطاب الذي خوطبت فيه !! ، فجلَّت حكمة ربِّنا عزَّ وجلَّ .
وهذا الأسلوب أدعى للإستجابة بسبب ما ذكر ، ولما يتضمنه من الإيحاء بالمطلوب ، بحيث يكون القرار أخيراً للفاعل وكأنه عمل الفعل من نفسه ، وهذا أسلوبٌ تربويٌّ ونفسيٌّ عالٍ جداً ، ولهذا يكون عقاب العاصي لهذا الأسلوب أشد ، وهذا ما يفسر لنا قول المصطفى عليه السلام : { .. ورأيت النار فلم أرَ كاليوم منظراً أفظع ، ورأيت أكثر أهلها النساء .. }( أخرجه أحمد في مسنده / باب مسند ابن عباس ، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان / الباب الثاني والستون .)،
لأن عصيانهنَّ بعد تلك الخصوصية يكون من العظائم ، ولأنه أعطاها أكثر من الرجال ، فمخالفتها تكون أشدُّ مؤاخذةً وعقاباً ، وهذا من العدل الإلهي الذي فيه توازنٌ بين النِعَم والنِقَم .. وبين العطايا والتبعات ،
وهذا الأسلوب شبيه تعريضنا جميعاً بأولادنا حين طلب شئ تستصعبه أنفسهم رغم سهولته ، فنقول : سيقوم فلانٌ بكذا وكذا ، فهو مطيع .. الخ ، فحين يفعل يكون القرار كأنَّه قراره ، وحين يتكرر القول من غير طائل ، فإنَّه يستحق العقاب بجدارة !! .
وحين ينتقل الباري عزَّ وجلَّ إلى خطاب الرجل - في نفس الآية - يخاطبه بما يناسبه ، فيقول : { .. وعلى المولود له .. } ، ومعلومٌ أن لفظ [ على ] من ألفاظ الإيجاب ، وفيها من الشدَّة ما لا يخفى ! .
ونفس ما تقدَّم يرد حول الآيات الأخريات .. فتدبر كلَّ ذلك ، هدانا الله وإيَّاك .. آمين .
المبحث الثامن
عدم تكليفها بالتكاليف المالية
لم يجعل الباري عزَّ وجلَّ على المرأة أيَّة تكاليف ماليَّة ، فإن كانت زوجةً فنفقتها من مال زوجها وإن كانت غنيَّة ، وذلك جزاء الاحتباس له ، وهو من توازن التبعات الدقيق في الشريعة الغرَّاء .
وإن لم تكن متزوِّجة .. فنفقتها من مالها إن كانت غنيَّة ، وإلاَّ فنفقتها من مال عصبتها - أقاربها من الذكور - لأنهم يرثونها إن كانت غنيَّة ، وهذا توازن آخر ، فتنبه ..
يقول تعالى : { .. وعلى المولود له رزقُهُنّ وكسوتهنَّ بالمعروف .. وعلى الوارث مثل ذلك .. }( البقرة / 233).
فهي غير ملزمة بالكسب ، ولا تُحمَّلُِ أعباؤه ، ولا الخروج لأجله ، مع ما في ذلك من مشقة غير منكورة ، وتحملِّ مضايقات الرجال ، أو تلصصهم عليها بالنظرات لإشباع نهمهم ، فصانها منهم ، ورفعها عليهم ، فهم يسعون بين يديها ، وتبقى هي درَّةً مكنونة ، وسيَّدةً مصونةً ! ، ولأجل هذا - وغيره - نُصِّف ميراثها ! ، فأعباؤها قليلة ، وغالب حالها عدم الخروج إدارة الأموال الجسيمة ، فحجرها بين يديها حرمانٌ للأمة من منافعها : كتنشيط الاقتصاد ، وتوفير فرص العمل للعاطلين ، ونمو المال يُزيد من حصة الفقير من الزكاة.. الخ.
نعم إن خرجت للكسب جاز بحسب الأحوال ، ووفق الضوابط الشرعية ، وإنَّما رفع الإلزام عنها ، ولم يرفع الجواز
وعلى الرجل إسكان الزوجة على سبيل الوجوب .
وفي كلِّ ما تقدم ، يقول تعالى : { أسكنونهنَّ من حيث سكنتم من وُجدِكم ولا تُضارُّوهنَّ لتُّضيِّقوا عليهن وإن كنَّ أولاتُ حملٍ فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهنَّ أُجورَهُنَّ وأتمروا بينكم بمعروفٍ وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ، لِيُنفِق ذو سَعَةٍ من سعته ومن قُدر عليه رِزْقه فلينفق ممَّا آتاه الله لا يكلف نفساً إلاَّ ما آتاها سيجعل الله بعد عسرٍ يُسرا }( الطلاق / 6 و 7).
بل حتى لو طلقت المرأة فتبقى لها حقوق كثيرة ، منها قوله تعالى : { يا الها النبيُّ إذا طلقتم النساء فطلِّقوهنَّ لعدَّتهنَّ وأحصوا العِدَّة واتَّقوا الله ربَّكم لا تُخرجوهنَّ من بُيُتهنَّ ولا يخرُجنَ .. ، فإذا بلغنَّ أجلهُنَّ فأمسكوهنَّ(2)بمعروفٍ أو فارقوهنَّ بمعروفٍ ... }( الطلاق / 1 و 2).
المبحث التاسع
مساواتها للرجل في أمورٍ حياتيةٍ شتى
وفي سياق بيان مساواتها بالرجل في الشريعة الإسلامية وعلى سبيل الاستطراد ، فقد أعطاها الإسلام من : الحقوق ، والصلاحيات ، والثقة بشخصيتها ، في أمور منها :
1. مساواتها للرجل في الإنسانية ، فلقد كرَّم الله تعالى كلَّ بني آدم ... مؤمنهم وكافرهم ، وبرهم وفاجرهم ، ونساءهم ورجالهم .
يقول تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا }( الإسراء / 70).
فلقد جعل الله تعالى التفاضل بالتقوى ، وليس بالذكورة والأنوثة ، ولا غيرها ...
يقول تعالى : { يا الها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير }( الحجرات / 13).
لقد بقي القانون الروماني ردحاً طويلاً من الزمن ، يعامل المرأة على أنها [ حيوان ] ! ، وللرجل عليها مطلق الصلاحية .. بـ : البيع ، والشراء ، والنفي ،
والتعذيب ، وحتى القتل !! .. ولم يتم الاعتراف بإنسانيتها إلا في القرن السادس
الميلادي [ سنة 586 م ] ، ففي المؤتمر المعقود بفرنسا في التاريخ المذكور ، تقرر :
أن المرأة إنسان وليس حيواناً ، مع التحفظ بكونها إنسانٌ خلق لخدمة الرجل !! .
وناقشوا في ذلك المؤتمر : هل المرأة إنسان له روحٌ يسري عليه الخلود .. أم
حيوان نجسٌ ليس له روح ؟!!( نظام الأسرة وحل مشكلاتها في ضوء الإسلام للدكتور عبد الرحمن الصابوني - 31 .).
2. وجعل الله لها ولايةٌ بين المؤمنين كالرجال سواءٌ بسواء .
يقول تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله وأولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم }( التوبة / 71).
3. جعل لها الأجر على العمل الصالح كالرجل سواء بسواء ، ولم يكن لها أجرٌ أدنى
من أجر الرجل .
يقول تعالى : { فاستجاب لهم ربُّهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى
بعضكم من بعض ... }( آل عمران / 195 .).
ويقول تعالى : { من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينَّه حياةً طيبةً
ولنجْزينَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }( النحل / 97 .).
4. مساواتها للرجل في الحقوق السياسية ، فلها أن تكون ناخبةً في بيعة خليفة المسلمين .
يقول تعالى : { يا الها النبيُّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يُشركن بالله
شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين
أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك بمعروفٍ فبايعهنَّ واستغفر لهنَّ إن الله غفورٌ
رحيم }( الممتحنة / 12).
5. استقلال ذمتها المالية : والذمة .. وصفٌ اعتباري يفترضه الشارع الحكيم في
الأفراد ، ويكون معه الفرد صالحاً لثبوت الحقوق المشروعة ، له أو عليه.
والذمة المالية في الأشخاص الطبيعية ، هي : أهلية الوجوب .
وأهلية الوجوب ، هي : صلاحية الإنسان لثبوت الحقوق المشروعة له أو عليه .
والذمة - أو أهلية الوجوب - : تبقى ملاومة للإنسان إلى مماته ، وقد يفتؤضها الشارع
الحكيم للمتوفى بعد موته ، ولحين تصفية تركته .
والمرأة والرجل في هذا الحق شرعٌ سواء ، والشارع أثبتها للإنسان الحيِّ ، ولم
يجعلها للرجل دون المرأة .
يقول العلاَّمة المرحوم الشيخ بدر متولي عبد الباسط : [ فالإنسان من حيث هو
إنسان له أهلية وجوب في جميع أطوار حياته ، منذ كان جنيناً إلى وفاته ، بل أثبتها
بعضهم للمتوفى قبل تقسيم التركة ، فهي ثابتة : للذكر ، والأنثى ، وللعاقل ،
وللمجنون ، والحر ، والعبد .. ]
ويقول تعالى : { للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن }( النساء / 23).
ويقول تعالى : { وإن أردتم استبدال زوجٍ مكان زوجٍ وآتيتم إحداهنَّ قنطاراً فلا
تأخذوا منه شيئاً أتأخذنوه بهتاناً وإثماً مبينا ، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى
بعضٍ وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً }( النساء / 20 و 21).
6. حقُّها في تزويج نفسها - على مذهب الحنفية خاصَّة - : فعبارة النساء في النكاح
اعتباراً لتمام الإنسانية ، ولتمام ولايتها على أموالها .
يقول الموصلي : [ وعبارة النساء معتبرة في النكاح ، حتى لو زوجَّت الحرة العاقلة
البالغة نفسها جاز ، وكذلك لو زوَّجت غيرها بالولاية أو الوكالة ، وكذا إذا وكَّلت
غيرها لتزويجها ، أو زوَّجها غيرها فأجازت ، ولا إجبار على البكر البالغة في
النكاح ... ]
7. [ وللمرأة أن تمنع نفسها ، وأن يسافر بها ، حتى يعطيها مهرها ]
8. ويعتد بإخبارها بانتهاء عدَّتها ، ليحق لها الزواج مرةً أخرى .
9. وقد أوصى الشارع الحكيم الرجال بها ، خوف عضلهم لها ، أو اعتدائهم عليها ، بسبب
كون ذلك كان معهوداً في أنظمة الجاهلية ، والأنظمة المعاصرة لها . يقول تعالى : { يا
الها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهنَّ لتذهبوا ببعض ما
آتيتموهنَّ ... }( النساء / 19 )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع - :{ ... واستوصوا بالنساء خيراً }.
والحمد لله ربِّ العالمين ~~
جوانب تفضيلية للمرأة في الإسلام
الدكتور / محمد محروس المدرس الأعظمي
الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا - قسم الفقه والأصول
الحمد لله الحكيم في فعله ، العادل في حكمه ، العليم بخلقه ، {..لا يضل ربِّي ولا ينسى } (طه 52) لا تعتريه العوارض ، فهو : لا ينام ... ولا يفرح ... ولا يأسى .
وأصلي على المبعوث للناس رحمة ، وعلينا - نحن المسلمين - استجلاءها بكلِّ همَّة ، جاءنا بالمحجة البيضاء التي لا يعشو ناظرها ، ولا يذبل ناضرها .. ولا تعتريها غُمَّة .
والصلوات على الأتقياء من أمته وهم آله ، وعلى الصفوة من الخلق وهم صحابته ، وعلى علماء الأمة وهم للدين دعاته .
وبعد ~~
فلقد أشاع العتاة من المعاندين كون الإسلام يُهين المرأة ، لأنه:
1- نصَّف شهادتها في قوله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .. } البقرة / 282 .
2- نصَّف ميراثها في قوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... } النساء / 11 ، وفي قوله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنَّ ولد فإن كان لهنَّ ولد فلكم الربع مما تركن ... ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لهنَّ ولد فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثُمُن مما تركتم .. } النساء/12
وقوله تعالى : { ... .. وإن كانوا إخوةً رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين ... .} النساء / 176 .
3- جعل للرجل عليها قِوامةً في قوله تعالى : { الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بهضٍ وبما أنفقوا من أموالهم .. } النساء / 34 .
وما رعى لها - قط - حرمةً !
وما أريد مناقشة تلك التهم ، ففي ذلك ضعف يجعلنا مدافعين .. وليس من دافع كمن هجم ، فالهجوم أفضل وسيلة للدفاع
ولقد تولى أمر هذه الشبهات - أكثر من غيره - : النصارى ! ، فاليهود انتهى أمر دسائسهم بعد طردهم من جزيرة العرب ، وبقيت ضغائنهم في نفوسهم ، وهم يخرجونها اليوم بمساندة القوى النصرانية المتحكمة بالعالم ، في حين تناءت النصرانية في بداية عهد الصراع مع اليهود عنه ، وبدت وكأنها [ محيَّدة ] ! ، إذ بعد مجيئهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة قادمين من نجران في جنوب الجزيرة ، طلب منهم رسول الله عليه الصلاة والسلام [ المباهلة ] منهم ، فانسحبوا ولم يبدر منهم كلام ، وحتى من كبار رجال دينهم ، سواء في : الجزيرة ، أو الشام ، أو الحبشة ، أو حتى روما .. أو غيرها من مراكز النصرانية في العالم في ذلك الحين .
ثم ظهرت الصليبية باعتبارها دعوة منظمة في القرون الوسطى النصرانية ، وازداد أوارها ، واستعرت نارها ، وتجرأت على بلاد المسلمين ، ومسرى رسول ربِّ العالمين ، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ، إلى أن قيض الله من كسر شوكتهم ، ثم دعاهم ذلك إلى الانسحاب ، والانكفاء في أوربا ، وخابت آمال [ الباباوات ] القابعين في قصور وحصون ، وجنات ونعيم ، وزروع ومقامٍ كريم ، ولا يتحملون من عبء أتباعهم شيئاً ، فشتان بينهم وبين قادة المسلمين في كل أدوار التأريخ !
ثم جاءت الصليبية المعاصرة ، فاتخذت أساليب جديدة غير أسلوب المجابهة التي انتهجها أسلافهم ، فكانت : البعثات التبشيرية ، وبعثات ظاهرها البحث عن الآثار ! ، أو حبُّ السياحة والاستطلاع .. بحجة انبهارهم بسحر الشرق وما فيه ! ، وباطنها من قبله العذاب .
ثم بدأ الاستشراق .. وهي حركات اتخذت ظاهراً علمياً معلناً وهو البحث عن خفايا الشرق ! ، وحقيقة أهدافها هو .. ما ظهر منها في العصور اللاحقة ، بدراسة الأديان - مع جملة أهدافٍ أخرى - ثم نفث السموم ، وبث الشبهات .. الخ
وحينما بدأت النهضة الصناعية الكبرى في بلادهم ، بدأت سهام نقدهم تظهر وتبدو ، وبعد الحبو أخذت تبرز وتعدو ! ، مستغلين تقدمهم في الجوانب التطبيقية في العلم ، وبدء اتساع الهوة بين الفريقين ، فأدخلوا الدين في البين ! ، وقالوا : دينكم يؤدي إلى التأخر ، وديننا أوصلنا إلى هذا التقدم ، متجاهلين موقف الكنيسة من بوادر النهضة ، وقتلها بعض من صرحوا بخلاف معتقدها ، لما استبان لهم من أمر ، واتضح من بعد نظر ! .
ثم ظهر المدُّ العسكريُّ الأوربي الذي أدى إلى احتلال غالب ديار المسلمين منهم ، ثم قضائهم على الخلافة الإسلامية ، وقبلها - عند بدوِّ بوادر الضعف في الدولة العثمانية - تجرؤا على المسلمين جرأة عظيمة ، وحصلوا على الامتيازات لبعثاتهم التبشيرية ، وكذبوا أنفسهم بأنفسهم حين ردَّدوا شعار : فصل الدين عن الدولة ! فانتشرت المدارس النصرانية في شتى بقاع المسلمين ، وتواردت البعثات التبشيرية على شتى البقاع والأصقاع ، ولعبوا دوراً مهماً في التمهيد للغزو الأوربي لبلاد المسلمين في مطلع القرن العشرين العيسوي ، فما حلَّ جيشٌ أوربيٌّ في بلد من بلاد المسلمين ، إلاَّ وكان المبشرون .. سابقوه ! ، أو لاحقوه ! ، أو ملازموه !
ولقد تجرأ القوم في عصورنا المتأخرة .. فما تركوا سبيلاً إلاَّ وسلكوه ، وذلك لأجل التشكيك بالشريعة الغرَّاء ، ودين الفطرة والفضل والفضلاء ، وهي دين آخر الزمان ، التي أتمَّها الله جلَّ وعلا بشهادته من فوق سبع سماوات ... فكان لزاماً :
مقارعة الحجة بالحجة ، ودحض التهمة ، ببيان وتوضيح ، ومخاطبة للعقل السليم الصحيح ، والانتصار لله ولرسوله ، ولدينه ، وملته .
ولقد تعددت الجهات التي أراد الأعداء التسلل منها إلى حصوننا المنيعة ، وشرَّقوا وغرَّبوا ! ، وجمعوا ولملموا ! ، والتمسوا من مكذوب الروايات سنداً ! ، ومن سوء فهمهم للعربية تكأةً ! ، فحملوا النصوص على غير ما تحتمل ! ، وفهموا منها ما لا يفهمه أهل الإيمان والبيان ! ، والعارفين بأساليب القرآن
ومما أثاروا من أمرٍ متهافت ، وقولٍ ساقط ، ما أسموه بـ [ قضية المرأة ] ! ،
وسنتخذ سبيل الهجوم وسيلة لدفاعنا - كما ألمعنا - ، فالانشغال برد ترهاتهم لا تجدي ولن تجدي ، ولكن سنورد لهم بعضاً مما يخالف أقوالهم من أحكام هذه الشريعة ، فيكونون هم المطالبين بالرد - إن جدوه - ، ويكونون هم المطالبين بالنقض - إن التمسوه - ... فسنسير معهم في الاتِّجاه المعاكس - كما يقولون - ! .
ونقول لهؤلاء .. أنَّ للمرأة في الإسلام نوع أفضليَّة ، يجدها المتتبع في جوانب من الأحكام مهمَّة ، ونوردها - هنا - باختصار تباعاً :
المبحث الأول
الخِطبة
جعل الإسلام المرأة [ مخطوبة ] في قوله تعالى : { ولا جُناح عليكم فيما عرَّضتم من خِطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم ... } البقرة / 235 .
والمخطوبة مطلوبة ، والمطلوبة مرغوبة ، والمرغوب يسعى إليه الآخرون ، ولا يسعى هو إلى أحد ! .. فيأتي لطلب يدها من أهلها ، من أعيان الرجال : العلماء ، والأشراف ، وذوي الوجاهة ، وذوي المروءة والمكانة .
لكن ما الذي فعلته بها المدنية الحديثة ؟ .
جعلتها تسعى هي إلى الرجل ، فتعرض عليه نفسها عرضاً ، وتحاول أن تستهويه بإظهار المفاتن ، وقد يُعرض عنها ، فتصبح [ مرفوضة ] بعد أن كان الرفض بيدها وهي مخطوبة ، والطلب من غيرها !! .
ومن كان هذا شأنها ستجعل الرجل - ولو بعد الزواج - ينظر إليها نظرة : استعلاء لما بذلته له من كرامتها ، ونظرة ريبة لما بدأته من طلبها إياه لنفسها ، فسيتصور أنَّها فعلت ذلك مع غيره ! ، ولا يستبعد منها فعل ذلك في كلِّ حين - ولو بعد زواجها منه - ! ، فالمعتاد يستسهل تكرار العادة ! .
المبحث الثاني
عدم الانسلاخ من اهلها ونسبها
أبقى الإسلام صلتها بذويها ، ترثهم ويرثونها ... في قوله تعالى : { للرجال نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيبٌ ممَّا ترك الوالدان والأقربون ممَّا قلَّ منه أو كثُر نصيباً مفروضاً }
وأبقاها منتسبة لأبيها ... يقول تعالى : { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم }( الأحزاب / 5 .)،
وتعود لبيته إن لم توفق في زواجها .
في مقابل هذا .. نجدها : قلَّدت النصارى ، فتركت إسم أبيها وحملت اسم زوجها ! ، لأن القس يوصيهما - تبعاً للإنجيل - بترك أبيهما وأمهما والإلتصاق ببعضهما.
وفي هذا تغيير للإنتساب الذي دعى الإسلام إليه ... { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله .. }( الأحزاب / 5)، لكن في فعلهم - الذي قلَّدته المرأة - قطع لصلة الرحم ، وتغيير للفطرة .
والذي يدعو النصارى لمثله : أنهم لا ينفق بعضهم على بعضٍ وقت العوز والفاقة ، ولا إرث للنساء بل الإرث للإبن الأكبر ! ، وفي أحايين أخرى ليس لأيٍّ منهما .. بل للكلاب أو القطط وما شابه ذلك !! .
ومع إنكارهم على المسلمين في أمر القِوامة ، إلاَّ أنَّهم يجعلون للرجل عندهم سلطةً تفوق القوامة ، فـ [ ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل .. ]
وتذكر التوراة : [ .. وكل بنت ترث ميراثاً من أسباط بني إسرائيل فلتكن زوجة لواحد من عشيرة سبط آبائها ، لكي يرث بنو إسرائيل كل منهم ميراث أبيه !! ]( العهد القديم [ التوراة ] / سفر العدد - الفصل السادس والثلاثون).
المبحث الثالث
الكفاءة
فرض الله [ الكفاءة ] في الزواج لصالحها وليس لصالح الرجل ، فالملوك تتزوج عبيدها ، وبنات الملوك لا يتزوجهن السُوُقة ، وبنات العلماء لا يزوجنَّ للجهَّال - إن أبين - لشرف العلم على الجهل .. نعم .. إن تنازل الأولياء عن ذلك ، ولم تتمسك بذلك هي ، جاز زواجها ممن ذكرنا ! ، فهي وأولياؤها أصحاب الكلمة الفصل في التجاوز عن هذا .
فالمعلوم أن المرأة تصاب بالعار من زوجٍ هو أدنى منها ، فدفعت الشريعة عنها ذلك بإعطائها هذا الحق دونه ! .
فالرجل يسعى لأن يكون بمستوى المرأة !! ، وهي غير مطالبة بذلك ! .
المبحث الرابع
المهر
فرض الله [ المهر ] لها دونه ، واهتم به الله عز وجل من فوق السبع الطباق ، فقال تعالى : { .. قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم .. }( الأحزاب / 50 .)،
فالفرض الذي فرضه الله تعالى عليهم لهنَّ ، ولذلك قالوا هو تعظيم لأمر النكاح بنص الكتاب ، فالاشتغال به أولى من الاشتغال بالعبادة النافلة
ولا يقال أنَّ المهر هو [ ثمن البضع ] فذلك مما لم ترد به النصوص ، بل وتخالف ذلك على ما سنذكر ، والقواعد الشرعية لا تسعفنا في جعل المهر ثمناً ، لأن الثمن يجب أن يكون متوازناً مع المثمن ، ولا أدري كيف يتحقق ذلك في استحقاق المرأة لنصف المهر إذا حصلت الفرقة - لأيِّ سببٍ كان - قبل الدخول ، فأين البضع ؟ ! .
إذن .. ما هي حكمة فرض المهر ؟؟ .
ففي البدء أنَّ المهر هو هديةٌ من الزوج للزوجة ، وتحديد هذا الوصف للمهر هو ما نصَّ عليه القرآن الكريم بقوله تعالى : { وآتوا النساء صدُقاتهنَّ نِحْلة فإن طبن لكم عن شئٍ منه نفساً فكُلُوه هنيئاً مريئاً }( النساء / 4 .).
أي : أعطوا ما تعطون للنساء عند الزواج على سبيل الهدية ، وليس على سبيل المعاوضة ، فالصدُقات هو لغةً في الصداق .
والصداق : برهان من الرجل على صدق نيَّته في توجهها إلى إتمام العقد وإبرامه ، وبعكس ذلك سوف يشغل النساء كلَّ يوم بخِطبة غير جادَّة ، لأنه لا يُضارُّ لا ماديَّاً ولا معنوياً ! .
ولمَ هذه [ النِحْلة ] ؟ .
هي : برهان من الزوج لزوجته المقبلة عند طلب يدها ، بأنه :
1. أصبح كاسباً بعد إذ كان ينفق عليه أبوه ، أو أهله .
2. وأنَّه ممن تطيب نفوسهم بالإنفاق ، وليس ممن يكنزون ما يردهم ويحجبونه عن أعز من يعزُّونه ، فهو ليس شحيحاً ، ولا مُمسكاً ، ولا بخيلاً .
فهكذا نجد أن الرجل هو الذي يبرهن على ما ذكرنا ، ويضعه بين يدي المرأة ، وهي التي تقبل أو ترفض ! .. أليست هي الأرفع في مثل هذه الحالة ؟ ! .
وما ورد في بعض الآيات من لفظ الأجر فالمقصود به [ المهر ] لا غير ، فهو يعني المجازاة ، والمكافأة .. وليس الثمنية كما في أجرة الدار والسيَّارة ..
أرأيت أن الباري عزَّ وجلَّ سمَّى ما يُكافئ به العبد عن الطاعة [ أجراً ] ، فهل العبد مستأجرٌ لله لكي يقوم بعبادته ؟؟ ! ، سبحانك ربِّي إنَّه بهتانٌ عظيم .
المبحث الخامس
أفضليتها على الرجل في مسألة البلوغ .. وتضررها بالمساواة
جعلت الشريعة [ البلوغ ] في قوله تعالى : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ... } النساء / 6 .عند المرأة والرجل - وهو : بلوغ القدرة على النكاح - عنواناً لاكتمال العقل ، فتمام العقل .. أمر غير ظاهر ، وأمر غير منضبط
فكونه غير ظاهر : أنه ليس هناك مقياس معين لمعرفة اكتمال العقل ، ولا علامات تظهر لتدل على كمال العقل .
وكونه غير منضبط : فقد ترى اليافع يجالس المسنين ويجاريهم ، وقد ترى الشيخ يجالس الأغرار من الصبيان ويظن نفسه منهم ! .
لهذا لجأت الشريعة - كما في أحكامٍ أخرى - إلى : الظاهر ، وإلى المنضبط ، لتكون أحكامها متَّسقة ، وغير متفاوتة ، ولهذا جعلت الشريعة [ البلوغ ] عنواناً على اكتمال العقل ، لظهوره وانضباطه .
فبلوغ المرأة يكون : 1. بالحيض(عن عائشة ( رض ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تقبل صلاة الحائض إلاَّ بخمار .. } ، وقوله .. الحائض : يعني المرأة البالغ ، يعني إذا حاضت .. ] سنن الترمذي / كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله / ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إذا حاضت إلاَّ بخمار .)،
وهو دلالة بلوغ الحُلُم ، أي القدرة على الحمل
وبلوغ الرجل يكون : 1. بالإنزال وهو : دلالة بلوغ الحلم الذي يجعله بالغاً مبلغ الرجال(في قوله تعالى : { يا الها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ثلاث مرات ... ، وإذا بلغ الأطفال منكم الحُلُم فليستئذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليمٌ حكيم } النور - 58 إلى 59).
وحيض المرأة يكون في البلاد الحارة بسن التاسعة غالباً ، فإن تأخر فإلى سن الثانية عشرة ، وأقصى سنٍّ تعتبر معه المرأة بالغة - برأي الفقهاء - هو سن [ 15 ] الخامسة عشرة ، إذا تأخر حيضها لأيِّ سبب .
وإنزال الرجل يكون في سنِّ الثانية عشرة في البلاد الحارَّة غالباً ، فإن تأخر فإلى سنِّ الخامسة عشرة ، وأقصى سنٍّ يعتبر معه الرجل بالغاً - برأي الفقهاء - هو سن [ 18 ] الثامنة عشرة ، إذا تأخر إنزاله لأيِّ سبب(4).
فهي تنال قبل الرجل - ما بين ثلاث إلى ست سنوات - :
أ. حقوقها السياسية - ناخبةً ومنتخَبة - .
ب. وتستلم أموالها من يدِّ الوليِّ أو الوصيِّ لتنفرد هي بالتصرف فيها .
ج. وتختار نفسها عند البلوغ إذا زوَّجها قبل البلوغ الأولياء من غير الأب والجد .
د. ويكون لها حقُّ تزويج نفسها - على رأي من يقول بذلك - .
وحين ساوت القوانين الوضعية بين الرجل والمرأة في سن البلوغ ، وجعلته سن [ 18 ] الثامنة عشرة لكليهما(30 المادة [ 108 ] م.ع التي تقول : سن الرشد هي ثماني عشرة كاملة . ولم تفرق بين : الرشد والبلوغ ، ولا بين المرأة والرجل .)- في غالب البلاد الإسلامية - فقد أصيبت المرأة بالضرر ، لأنه سيتأخر نيلها لحقوقها التي ذكرناها للمدة التي بيناها .
والأشدُّ وطأةً من كلِّ ذلك هو : وضعها تحت [ إكراه قانوني ! ] للعيش مع من لا تحب لمدة تتراوح بين ثلاث إلى ست سنوات ، إذ سيتأخر اختيارها لنفسها طول تلك المدة ، في حالة تزويجها وهي صغيرة من غير أبيها أو جدِّها، فإ زوجها أبوها أو جدها ، فلا خيار لها عند البلوغ ، وذلك لظهور شفقتهما ، ولعدم التهمة منهما في غالب الحال
المبحث السادس
معادلة شهادتها لشهادة أربعة رجال
جعلت الشريعة شهادة المرأة الواحدة تعدل [ أربعاً ] من شهادات الرجل ، فقد قبل الشرع شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطَّلع عليه إلاَّ النساء .. كإثبات البكارة أو عدمها ، وإثبات الدخول بزوالها بالزواج ، وإثبات الولادة للمولود ، وإثبات استهلال المولود - أي : خروج صوت منه بعد ولادته وقبل وفاته - ، أو إثبات ولادته ميتاً
وفي إثبات ما تقدَّم من الآثار الخطيرة ما لا يخفى :
1. فبولادة المولود حيَّاً ، يستحق : الميراث ، وما أوقف عليه من وقفٍ وهو جنين ، وما أوصي إليه به وهو جنين .
2. وقد يثبت له [ المُلك !! ] في المَلَكيَّات الوراثية ، فهي تشهد على صحة ولادة الأم له ... وليس كونه مولوداً مدَّعى ! ، وكم من مفاسد في التأريخ حصلت بهذا الادعاء ، أو التبديل !!.
فإذا لم تشهد [ القابلة ] بالولادة ، وبالولادة مع الحياة ، فقد تكون التركة تقدَّر بالملايين التي لا تدخل في ذمة ذلك الوليد ، وبالتالي لا يستحقها ورثته ، بل تنتقل إلى ورثة مورثه عداه !.
وكذلك استحقاقه للإرتزاق في الوقف ، أو دخول المال الموصى به في ذمته .. وقد تكون تلك الأمور أموالاً جمَّة ، لا يستحقها هو ، أو ورثته إن مات بعد ولادته حيَّاً ! .
وإذا لم تشهد القابلة لا يكون الوليد وليَّاً للعهد ، أو قد يستبدل بغيره .. وأحداث التأريخ في مثل هذا كثيرة .
فأيَّة ثقةٍ هي تلك الثقة التي أعطاها الشرع المنيف للمرأة الواحدة ؟ ! .
فإذا علمنا أنَّ حدَّ [ الزنا ] لا يثبت إلاَّ بشهادة أربعة من الرجال فقط(لقوله تعالى : { .. فاستشهدوا عليهن أربعةً منكم .. } النساء / 15 وقوله تعالى : [ والذين يرمون المحصنات ث ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم .. } النور / 4 ، وقوله تعالى : { لولا جاؤوا عليه بأربعةِ شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } النور / 13 .)، كانت حينئذٍ شهادتها تعدل أربع شهادات للرجال !! ، لأن الزنا واقعة .. والولادة واقعة !! .
فإذا نصَّف الشارع الحكيم - لأسبابٍ التزمنا ألاَّ نتكلم عنها هنا - ، فهو قد ساواها بأربعة رجال في مواضع أخرى !! .
المبحث السابع
تفضيلها في خطاب الشارع الحكيم
تفضيلها على الرجل في خطاب الشارع الحكيم - فمن المعلوم أن خطاب الأحكام في القرآن الكريم يدور بين أمرين اثنين : إفعل [ طلب الفعل ] ، ولا تفعل [ طلب الترك ] .
وطلب الفعل يكون بصيغ معلومة في اللغة العربية .. هي :
صيغ فعل الأمر كافة .
المصدر النائب عن الفعل ، وهو لا ينوب إلاَّ عن فعل الأمر .
اسم فعل الأمر .
الفعل المضارع المقترن باللام .
صيغة الخبر الدَّالة على الطلب
فإذا كان الخطاب للرجال والنساء كان بالصيغ الأربعة الأولى ، وفيها شدَّة تناسب الطلب ، وتأكيد على طلب التنفيذ ، فإذا كانت المرأة مع الرجل في ذلك الخطاب ، أصابها من الشدة التي خوطب بها ، ومن التأكيد القويِّ ، فكانت مساواتها به وبالاً عليها ! .
وإذا كان الخطاب لها دون الرجال ، خوطبت بالطريقة الخامسة الدَّالة على : الرقة ، والتحبب ، والتحنن ، والقائمة على الثقة بالمخاطَبة .
ونمثل لكل ما تقدم لنرى الفارق - حسب التسلسل أعلاه - :
1. قوله تعالى : { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين }( البقرة / 43 .)،
وقوله تعالى : { قوا أنفسكم وأهليكم نارا .. }( التحريم / 6 .).
2. قوله تعالى : { يا أيُّها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا فضربَ الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدُّوا الوَثاق فإمَّا منَّاً بعد وإمَّا فداءا حتى تضع الحرب أوزارها }( محمد / 4 .).
3. مثل : صه ، مه ، آمين .. .
4. قوله تعالى : { يا أيُّها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجلٍ مسمىً فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأبَ كاتبٌ أن يكتب كما علَّمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتَّقِ الله ربَّه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحقُّ سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يستطيع أن يملَّ هو فليملل وليُّه بالعدل .. }( البقرة / 282 .).
5. قوله تعالى : { والوالدات يُرضعن أولادهنَّ حولين كاملين لمن أراد أن يُتمَّ الرضَاعة وعلى المولود له رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف .. }( البقرة / 232 .).
وقوله تعالى :{ والمطلَّقات يتربصنَّ بأنفسهنَّ ثلاثة قروء .. }( البقرة / 238 .).
وقوله تعالى : { والذين يُتوَفَون منكم ويَذَرون أزواجاً يتربَّصنَّ بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرا ..}( البقرة / 234 .).
وقوله تعالى :{ وأولات الأحمال أجلُهنَّ أن يضعن حَمْلهنَّ }( الطلاق / 4 .).
فالآية الأولى - من الأسلوب الخامس - تعني : يا أيَّتها المرأة إن تزوجتي ، ورزقت بولد ، فسترضعين ولدك سنتين كاملتين إذا أراد الزوج ذلك ، فالباري عزَّ وجلَّ لا يقول لها : يا أيتها الوالدة ارضعي .. ، أو رضاعِ .. ، أو رضاعاً .. ، أو لترضعي .. ، فكلُّ ذلك فيه : شدَّة ، وقوَّة ، وجزم ، وحزم ، وكلُّ ذلك لا يلتئم مع رقَّة المرأة ، وشدَّة حسَّاسيَّتها ، فناسبها الخطاب الذي خوطبت فيه !! ، فجلَّت حكمة ربِّنا عزَّ وجلَّ .
وهذا الأسلوب أدعى للإستجابة بسبب ما ذكر ، ولما يتضمنه من الإيحاء بالمطلوب ، بحيث يكون القرار أخيراً للفاعل وكأنه عمل الفعل من نفسه ، وهذا أسلوبٌ تربويٌّ ونفسيٌّ عالٍ جداً ، ولهذا يكون عقاب العاصي لهذا الأسلوب أشد ، وهذا ما يفسر لنا قول المصطفى عليه السلام : { .. ورأيت النار فلم أرَ كاليوم منظراً أفظع ، ورأيت أكثر أهلها النساء .. }( أخرجه أحمد في مسنده / باب مسند ابن عباس ، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان / الباب الثاني والستون .)،
لأن عصيانهنَّ بعد تلك الخصوصية يكون من العظائم ، ولأنه أعطاها أكثر من الرجال ، فمخالفتها تكون أشدُّ مؤاخذةً وعقاباً ، وهذا من العدل الإلهي الذي فيه توازنٌ بين النِعَم والنِقَم .. وبين العطايا والتبعات ،
وهذا الأسلوب شبيه تعريضنا جميعاً بأولادنا حين طلب شئ تستصعبه أنفسهم رغم سهولته ، فنقول : سيقوم فلانٌ بكذا وكذا ، فهو مطيع .. الخ ، فحين يفعل يكون القرار كأنَّه قراره ، وحين يتكرر القول من غير طائل ، فإنَّه يستحق العقاب بجدارة !! .
وحين ينتقل الباري عزَّ وجلَّ إلى خطاب الرجل - في نفس الآية - يخاطبه بما يناسبه ، فيقول : { .. وعلى المولود له .. } ، ومعلومٌ أن لفظ [ على ] من ألفاظ الإيجاب ، وفيها من الشدَّة ما لا يخفى ! .
ونفس ما تقدَّم يرد حول الآيات الأخريات .. فتدبر كلَّ ذلك ، هدانا الله وإيَّاك .. آمين .
المبحث الثامن
عدم تكليفها بالتكاليف المالية
لم يجعل الباري عزَّ وجلَّ على المرأة أيَّة تكاليف ماليَّة ، فإن كانت زوجةً فنفقتها من مال زوجها وإن كانت غنيَّة ، وذلك جزاء الاحتباس له ، وهو من توازن التبعات الدقيق في الشريعة الغرَّاء .
وإن لم تكن متزوِّجة .. فنفقتها من مالها إن كانت غنيَّة ، وإلاَّ فنفقتها من مال عصبتها - أقاربها من الذكور - لأنهم يرثونها إن كانت غنيَّة ، وهذا توازن آخر ، فتنبه ..
يقول تعالى : { .. وعلى المولود له رزقُهُنّ وكسوتهنَّ بالمعروف .. وعلى الوارث مثل ذلك .. }( البقرة / 233).
فهي غير ملزمة بالكسب ، ولا تُحمَّلُِ أعباؤه ، ولا الخروج لأجله ، مع ما في ذلك من مشقة غير منكورة ، وتحملِّ مضايقات الرجال ، أو تلصصهم عليها بالنظرات لإشباع نهمهم ، فصانها منهم ، ورفعها عليهم ، فهم يسعون بين يديها ، وتبقى هي درَّةً مكنونة ، وسيَّدةً مصونةً ! ، ولأجل هذا - وغيره - نُصِّف ميراثها ! ، فأعباؤها قليلة ، وغالب حالها عدم الخروج إدارة الأموال الجسيمة ، فحجرها بين يديها حرمانٌ للأمة من منافعها : كتنشيط الاقتصاد ، وتوفير فرص العمل للعاطلين ، ونمو المال يُزيد من حصة الفقير من الزكاة.. الخ.
نعم إن خرجت للكسب جاز بحسب الأحوال ، ووفق الضوابط الشرعية ، وإنَّما رفع الإلزام عنها ، ولم يرفع الجواز
وعلى الرجل إسكان الزوجة على سبيل الوجوب .
وفي كلِّ ما تقدم ، يقول تعالى : { أسكنونهنَّ من حيث سكنتم من وُجدِكم ولا تُضارُّوهنَّ لتُّضيِّقوا عليهن وإن كنَّ أولاتُ حملٍ فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهنَّ أُجورَهُنَّ وأتمروا بينكم بمعروفٍ وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ، لِيُنفِق ذو سَعَةٍ من سعته ومن قُدر عليه رِزْقه فلينفق ممَّا آتاه الله لا يكلف نفساً إلاَّ ما آتاها سيجعل الله بعد عسرٍ يُسرا }( الطلاق / 6 و 7).
بل حتى لو طلقت المرأة فتبقى لها حقوق كثيرة ، منها قوله تعالى : { يا الها النبيُّ إذا طلقتم النساء فطلِّقوهنَّ لعدَّتهنَّ وأحصوا العِدَّة واتَّقوا الله ربَّكم لا تُخرجوهنَّ من بُيُتهنَّ ولا يخرُجنَ .. ، فإذا بلغنَّ أجلهُنَّ فأمسكوهنَّ(2)بمعروفٍ أو فارقوهنَّ بمعروفٍ ... }( الطلاق / 1 و 2).
المبحث التاسع
مساواتها للرجل في أمورٍ حياتيةٍ شتى
وفي سياق بيان مساواتها بالرجل في الشريعة الإسلامية وعلى سبيل الاستطراد ، فقد أعطاها الإسلام من : الحقوق ، والصلاحيات ، والثقة بشخصيتها ، في أمور منها :
1. مساواتها للرجل في الإنسانية ، فلقد كرَّم الله تعالى كلَّ بني آدم ... مؤمنهم وكافرهم ، وبرهم وفاجرهم ، ونساءهم ورجالهم .
يقول تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا }( الإسراء / 70).
فلقد جعل الله تعالى التفاضل بالتقوى ، وليس بالذكورة والأنوثة ، ولا غيرها ...
يقول تعالى : { يا الها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير }( الحجرات / 13).
لقد بقي القانون الروماني ردحاً طويلاً من الزمن ، يعامل المرأة على أنها [ حيوان ] ! ، وللرجل عليها مطلق الصلاحية .. بـ : البيع ، والشراء ، والنفي ،
والتعذيب ، وحتى القتل !! .. ولم يتم الاعتراف بإنسانيتها إلا في القرن السادس
الميلادي [ سنة 586 م ] ، ففي المؤتمر المعقود بفرنسا في التاريخ المذكور ، تقرر :
أن المرأة إنسان وليس حيواناً ، مع التحفظ بكونها إنسانٌ خلق لخدمة الرجل !! .
وناقشوا في ذلك المؤتمر : هل المرأة إنسان له روحٌ يسري عليه الخلود .. أم
حيوان نجسٌ ليس له روح ؟!!( نظام الأسرة وحل مشكلاتها في ضوء الإسلام للدكتور عبد الرحمن الصابوني - 31 .).
2. وجعل الله لها ولايةٌ بين المؤمنين كالرجال سواءٌ بسواء .
يقول تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله وأولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم }( التوبة / 71).
3. جعل لها الأجر على العمل الصالح كالرجل سواء بسواء ، ولم يكن لها أجرٌ أدنى
من أجر الرجل .
يقول تعالى : { فاستجاب لهم ربُّهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى
بعضكم من بعض ... }( آل عمران / 195 .).
ويقول تعالى : { من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينَّه حياةً طيبةً
ولنجْزينَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }( النحل / 97 .).
4. مساواتها للرجل في الحقوق السياسية ، فلها أن تكون ناخبةً في بيعة خليفة المسلمين .
يقول تعالى : { يا الها النبيُّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يُشركن بالله
شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين
أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك بمعروفٍ فبايعهنَّ واستغفر لهنَّ إن الله غفورٌ
رحيم }( الممتحنة / 12).
5. استقلال ذمتها المالية : والذمة .. وصفٌ اعتباري يفترضه الشارع الحكيم في
الأفراد ، ويكون معه الفرد صالحاً لثبوت الحقوق المشروعة ، له أو عليه.
والذمة المالية في الأشخاص الطبيعية ، هي : أهلية الوجوب .
وأهلية الوجوب ، هي : صلاحية الإنسان لثبوت الحقوق المشروعة له أو عليه .
والذمة - أو أهلية الوجوب - : تبقى ملاومة للإنسان إلى مماته ، وقد يفتؤضها الشارع
الحكيم للمتوفى بعد موته ، ولحين تصفية تركته .
والمرأة والرجل في هذا الحق شرعٌ سواء ، والشارع أثبتها للإنسان الحيِّ ، ولم
يجعلها للرجل دون المرأة .
يقول العلاَّمة المرحوم الشيخ بدر متولي عبد الباسط : [ فالإنسان من حيث هو
إنسان له أهلية وجوب في جميع أطوار حياته ، منذ كان جنيناً إلى وفاته ، بل أثبتها
بعضهم للمتوفى قبل تقسيم التركة ، فهي ثابتة : للذكر ، والأنثى ، وللعاقل ،
وللمجنون ، والحر ، والعبد .. ]
ويقول تعالى : { للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن }( النساء / 23).
ويقول تعالى : { وإن أردتم استبدال زوجٍ مكان زوجٍ وآتيتم إحداهنَّ قنطاراً فلا
تأخذوا منه شيئاً أتأخذنوه بهتاناً وإثماً مبينا ، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى
بعضٍ وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً }( النساء / 20 و 21).
6. حقُّها في تزويج نفسها - على مذهب الحنفية خاصَّة - : فعبارة النساء في النكاح
اعتباراً لتمام الإنسانية ، ولتمام ولايتها على أموالها .
يقول الموصلي : [ وعبارة النساء معتبرة في النكاح ، حتى لو زوجَّت الحرة العاقلة
البالغة نفسها جاز ، وكذلك لو زوَّجت غيرها بالولاية أو الوكالة ، وكذا إذا وكَّلت
غيرها لتزويجها ، أو زوَّجها غيرها فأجازت ، ولا إجبار على البكر البالغة في
النكاح ... ]
7. [ وللمرأة أن تمنع نفسها ، وأن يسافر بها ، حتى يعطيها مهرها ]
8. ويعتد بإخبارها بانتهاء عدَّتها ، ليحق لها الزواج مرةً أخرى .
9. وقد أوصى الشارع الحكيم الرجال بها ، خوف عضلهم لها ، أو اعتدائهم عليها ، بسبب
كون ذلك كان معهوداً في أنظمة الجاهلية ، والأنظمة المعاصرة لها . يقول تعالى : { يا
الها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهنَّ لتذهبوا ببعض ما
آتيتموهنَّ ... }( النساء / 19 )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع - :{ ... واستوصوا بالنساء خيراً }.
والحمد لله ربِّ العالمين ~~
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى