- هيثم الساعىعضو نشيط
- عدد الرسائل : 68
العمر : 50
الجنس :
الدوله :
العمل :
المزاج :
الهوايه :
عدد النقاط : 16949
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 03/07/2009
أسباب العصمة من شياطين الجن والإنس
الخميس يوليو 09, 2009 7:12 pm
أسباب العصمة من شياطين الجن والإنس
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة؛ لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا‘ وأثني عليه، وأذكره ذكرا كثيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريكا، ولم يتخذ ندا، ولا وزيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه بالحق والهدى وبالنور والضياء؛ بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وإخوانه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد:-
فاتقوا الله عباد الله، واقتدوا برسولكم - صلى الله عليه وسلم -، واحذروا مخالفة هديه، واجتناب أمره؛( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[63النور].
واتقوا الله ربكم، وقفوا عند حدوده، واجتنبوا محارمه؛ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )[102آل عمران].
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ )[33لقمان].
معشر الإخوة الأفاضل: إن المتأمل في أحوال الناس اليوم في مجتمعات المسلمين؛ أو كثير منها؛ يجد أنه تفشت كثير من حالات الأمراض العصبية، والنفسية، وحالات الصرع، ومس الشياطين، والجنون، وحوادث السحر وما أشبه ذلك، ويتبين هذا بمشاهدة كثير من المصابين بذلك الذين يترددون على أئمة المساجد، والجوامع؛ ليرقوهم بكلمات الله، وبكتابه؛ والذين يترددون على العيادات النفسية - أجارنا الله وإياكم من كل شر -، وهذه الأمراض والحالات؛ قد انتشرت انتشارا كثيرا؛ كما ذكرت، وأصابت كثيرا من الناس؛ الرجال والنساء على حد سواء.
ولا شك من سبب انتشارها، وكثرتها في مجتمعات المسلمين؛ أسباب عدة، ومختلفة وخطيرة، تجمعها ويحيط بها وينتظمها:
( قلة الخوف من الله سبحانه، وضعف الوازع والإيمان، وضعف التوكل واليقين على الله سبحانه وتعالى )، وما يتبع ذلك من تفشي لكثير من ( حالات الحسد والحقد، وقطيعة الأرحام، والكراهية والتباغض، والتدابر بين المسلمين ) والعياذ بالله.
وهذا الأمر( أعني الحسد والقطيعة والجهل وضعف العلم بالدين )؛ وضعف العلم بكتاب الله، وبسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كل هذا وراء هذه الأمور؛ فهذا الأمر قد يدفع ببعض الناس جهلا، وظلما وعدوانا؛ إلى ارتكاب أمور منكرة؛ يقترفونها في حق إخوانهم المسلمين؛ فيفسدون بها حياتهم والعياذ بالله.
وقد يدفع بعض الناس؛ وخصوصا ( النساء الجاهلات ) إلى ارتكاب شناعات، وجرائم قبيحة في حق أزواجهن، وفي حق كثير من المسلمين؛ بالتردد على السحرة، والعرافين، والمنجمين، والكهنة والعياذ بالله.
وقد ظهرت حوادث كثيرة من هذا الصنف؛ وأقرب حادث أذكره:
جاءني قبل فترة وجيزة أحد الناس، وذكر لي أن قريبه كان عنده، زوجتين فارق إحداهما، وبقيت في عصمته الأخرى، وأنه منذ سبع سنوات لا يعرف الفراش مع زوجته الثانية الباقية في عصمته، وأن حياته انقلبت إلى جحيم! والعياذ بالله.
ثم قال: ففتشنا؛ فوجدنا في الوسادة التي كان ينام عليها، وكان حريصا على إبقاء هذه الوسادة عنده سنين طويلة؛ فتشنا؛ فإذا فيها وفي لفائفها وداخلها ( حرز )؛ فأخرجناه، ولا ندري ما هو؛ فطلبت منه إحضار هذا الحرز، وفتحته؛ فتبين لي أنه سحر من زوجته الأولى لزوجته الثانية - والعياذ بالله - هذا السحر أو الأطر قد أفسد حياة هذا الرجل، وجعله يكره زوجته سبع سنين - والعياذ بالله - والجميل في الأمر أنه لم يتسرع لتقواه، ويفصل العلاقة بينه وبين زوجته ويطلقها، فأحرقت هذه الورقة، وهذا السحر؛ فجاءني الرجل، وأخبرني بأن حياة قريبه قد تبدلت، وصارت حسنة طيبة مع أهله ولله الحمد.
والحاصل الها الإخوان: أن الحسد والجهل؛ قد يدفع كثيرا من الناس لا سيما الزوجات الجاهلات؛ إلى ارتكاب هذه الأعمال القبيحة؛ فيبوءوا بالإثم العظيم، وقد يرتكبوا إثم قتل نفس معصومة ظلما وعدوانا - والعياذ بالله -؛ فيكونوا من أهل قوله عز وجل:
( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[93النساء].
وفي مثل هذه التربة، وفي مثل هذه المجتمعات التي يقل فيها الخوف من الله سبحانه وتعالى، وضعف اليقين والتوكل؛ تكون تربة صالحة لانتشار الدجالين، والكهنة والمشعوذين والعرافين؛ الذين انتشروا انتشارا كبيرا في مجتمعات المسلمين، وللأسف الشديد،
ونظرا لقلة العلم الشرعي، ونسيان السنن؛ بدل أن يفزع هؤلاء المصابون بهذه الحوادث من الصرع والجنون والسحر؛ بدل أن يفزعوا إلى كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو شفاء من كل داء، والذي هو عافية من كل بلاء؛ كما بين الله سبحانه وتعالى، وبين رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدل ذلك كله؛ يطرقون أبواب هؤلاء الكهان والمنجمين، ويزدحمون عند أبواب هؤلاء السحرة والعرافين والعياذ بالله؛ ليشتروا الضلالة بالهدى، وليخرج بعضهم عن دين الإسلام والعياذ بالله؛ وليكفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء في أحاديث كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وسلم-: ( من أتى كاهنا أو عرافا فسأله؛ فصدقه فيما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد ) - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية ( لم تقبل له صلاة أربعين يوما ).
ومع ذلك نظرا لضعف العلم الشرع، ولضعف الدين في نفوس كثير من هؤلاء؛ تراهم يذهبون إلى هؤلاء السحرة والمنجمين؛ غير مكترثين بما جاء في ذلك من الوعيد الشديد الذي تنهد له الجبال، وكان الأجدر بهم أن يهربوا إلى الله سبحانه، وأن يلجئوا إلى كتابه، وسنة رسوله.
والله سبحانه قد يظهر كثيرا من حالات الشفاء على أيدي هؤلاء من السحرة والمنجمين؛ ليبتلي عباده، ويختبرهم، وينظر من يكفر بعد إيمانه، ومن يثبت على إيمانه؛
وكان الأولى بهم والأجدر؛ أن يهربوا إلى كتاب الله الذي قال فيه سبحانه:
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا )[82الإسراء]
وقال سبحانه وتعالى:
( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء )[44فصلت] وقال تبارك وتعالى على لسان نبيه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[80الشعراء].
وقال سبحانه: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )[57، 58يونس]
ولكن ذلك يحتاج إلى يقين وصدق، وقوة توكل على الله سبحانه وتعالى؛ فإنه إذا حصل ذلك؛ حصل الشفاء بإذن الله، قال بن القيم – رحمه الله – كلاما معناه :
" وكيف تقوى هذه الأدواء والأمراض على مدافعة كتاب الله الذي لو أنزله الله على جبل لتقطع، لو أنزله على جبل لتصدع، ولو أنزله على أرض لتقطع "
يشير إلى قوله عز وجل: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا )[21الحشر] وإلى قوله سبحانه: ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى )[31الرعد]
أحب في هذه الخطبة أن أذكر الأمور، والأسباب التي تعصم من كيد الشياطين: ( شياطين الإنس والجن )،والتي بها بإذن الله الحماية، والشفاء والعصمة، من كيد السحرة والشياطين، والمس والجان، لمن صدق في ذلك التوكل على الله سبحانه وتعالى، والتي أدى جهل كثير من المسلمين بها، وتركهم للتمسك بها؛ إلى مثل هذه الحالات المرضية الكثيرة المتفشية في كثير من مجتمعات، وبيوت المسلمين.
الأسباب التي تعصم من كيد الشياطين
وأنا أذكر بعضها ليس على سبيل الحصر، فأول هذه الأسباب التي فيها العصمة بإذن الله من كيد شياطين الإنس والجن، ومن كيد الشياطين والسحرة والكهان والمنجمين، أولها ويجمعها:
- إحياء العلم الشرعي: ( علم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم –):
هذا الأمر الذي جهله كثير من المسلمين؛ بل جهلوا كثيرا من أصول الدين، وقواعد العبادات، وقواعد العقائد، فتجد بعضهم يفزع إلى مثل هذه الأعمال الكفرية والعياذ بالله.
ولو أن كل مسلم أحيى علم كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبث هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وأولاده وزوجه؛ ما حصلت مثل هذه الأمراض والكوارث بإذن الله.
الأمر الثاني: التوكل على الله سبحانه وتعالى:
فإنه إذا حصل عند الشخص من قوة التوكل على الله سبحانه، وتفويض الأمر إليه، والاعتماد عليه، وصدق الالتجاء إليه سبحانه وتعالى؛ ما مسه كيد شيطان، سواء من شياطين الجن، أو الإنس.
والله سبحانه وتعالى يقول في أمر الشيطان:
( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )[98، 99النحل]
ليس له سلطان على هؤلاء، وليس له حيلة على هذا الصنف من الناس، ولكن إذا حصل التوكل على الله صدقا وحقا؛ إنما سلطانه على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون، فمثل هؤلاء هم الذين يستبد بهم الشيطان، ويتلاعب بحياتهم، ويسبب لهم كثيرا من الأسقام، والأمراض والعياذ بالله.
أما الذي يتوكل على الله حق التوكل، ويخافه حق المخافة، توكلا صادقا، ويقينا جازما، واعتمادا مخلصا على الله؛ فإن الشيطان لا يستطيعه بإذن الله سبحانه وتعالى.
وليعلم المسلم أن من لوازم التوكل على الله؛ أن يحرص الإنسان على فعل كل ما أمر الله، وعلى ترك كل ما نهى عنه، ولا سيما المحافظة على الصلاة، وعلى قراءة كتاب الله، والالتزام بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك المواطن التي يعصى الله عز وجل بها.
أما أن يقول الإنسان بلسانه: ( إني متوكل على الله )، وهو مخالف لما أمر الله؛ فذلك لا شك توكل كاذب لا ينفع صاحبه شيئا، ولا يجزي عنه شيئا.
ثم ليعلم المسلم أن من لوازم التوكل على الله؛ ألا يهاب إلا الله، ولا يخاف إلا إياه، ولا يخاف كيد شياطين الجن والإنس، وإنما يجعل خوفه من الله سبحانه وتعالى وحده، إذا فعل ذلك كفاه الله كل شر؛ قال سبحانه وتعالى:
( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )[175آل عمران]، وقال سبحانه: ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ )[3المائدة] إلى غير ذلك من الآيات المثيرة العديدة.
ومن الأمور التي هي أمان وعصمة من كيد شياطين الجن والإنس ومن السحرة والمنجمين وأعداء الله:
- الحرص على ذكر الله سبحانه وتعالى:
فإن ذكر الله إذا حافظ عليه العبد؛ كان أمانا من الشياطين، وعصمة من السحرة، والعرافين، وكان أمانا للإنسان من كل مكروه.
ولهذا السبب كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - الذي يجب أن يكون قدوة لنا جميعا، كان يذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحيانه.
ولو أن العبد حرص على ذكر الله سبحانه وتعالى؛ قائما وقاعدا وراكدا، وداخلا
يتبع
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة؛ لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا‘ وأثني عليه، وأذكره ذكرا كثيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريكا، ولم يتخذ ندا، ولا وزيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه بالحق والهدى وبالنور والضياء؛ بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وإخوانه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد:-
فاتقوا الله عباد الله، واقتدوا برسولكم - صلى الله عليه وسلم -، واحذروا مخالفة هديه، واجتناب أمره؛( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[63النور].
واتقوا الله ربكم، وقفوا عند حدوده، واجتنبوا محارمه؛ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )[102آل عمران].
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ )[33لقمان].
معشر الإخوة الأفاضل: إن المتأمل في أحوال الناس اليوم في مجتمعات المسلمين؛ أو كثير منها؛ يجد أنه تفشت كثير من حالات الأمراض العصبية، والنفسية، وحالات الصرع، ومس الشياطين، والجنون، وحوادث السحر وما أشبه ذلك، ويتبين هذا بمشاهدة كثير من المصابين بذلك الذين يترددون على أئمة المساجد، والجوامع؛ ليرقوهم بكلمات الله، وبكتابه؛ والذين يترددون على العيادات النفسية - أجارنا الله وإياكم من كل شر -، وهذه الأمراض والحالات؛ قد انتشرت انتشارا كثيرا؛ كما ذكرت، وأصابت كثيرا من الناس؛ الرجال والنساء على حد سواء.
ولا شك من سبب انتشارها، وكثرتها في مجتمعات المسلمين؛ أسباب عدة، ومختلفة وخطيرة، تجمعها ويحيط بها وينتظمها:
( قلة الخوف من الله سبحانه، وضعف الوازع والإيمان، وضعف التوكل واليقين على الله سبحانه وتعالى )، وما يتبع ذلك من تفشي لكثير من ( حالات الحسد والحقد، وقطيعة الأرحام، والكراهية والتباغض، والتدابر بين المسلمين ) والعياذ بالله.
وهذا الأمر( أعني الحسد والقطيعة والجهل وضعف العلم بالدين )؛ وضعف العلم بكتاب الله، وبسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كل هذا وراء هذه الأمور؛ فهذا الأمر قد يدفع ببعض الناس جهلا، وظلما وعدوانا؛ إلى ارتكاب أمور منكرة؛ يقترفونها في حق إخوانهم المسلمين؛ فيفسدون بها حياتهم والعياذ بالله.
وقد يدفع بعض الناس؛ وخصوصا ( النساء الجاهلات ) إلى ارتكاب شناعات، وجرائم قبيحة في حق أزواجهن، وفي حق كثير من المسلمين؛ بالتردد على السحرة، والعرافين، والمنجمين، والكهنة والعياذ بالله.
وقد ظهرت حوادث كثيرة من هذا الصنف؛ وأقرب حادث أذكره:
جاءني قبل فترة وجيزة أحد الناس، وذكر لي أن قريبه كان عنده، زوجتين فارق إحداهما، وبقيت في عصمته الأخرى، وأنه منذ سبع سنوات لا يعرف الفراش مع زوجته الثانية الباقية في عصمته، وأن حياته انقلبت إلى جحيم! والعياذ بالله.
ثم قال: ففتشنا؛ فوجدنا في الوسادة التي كان ينام عليها، وكان حريصا على إبقاء هذه الوسادة عنده سنين طويلة؛ فتشنا؛ فإذا فيها وفي لفائفها وداخلها ( حرز )؛ فأخرجناه، ولا ندري ما هو؛ فطلبت منه إحضار هذا الحرز، وفتحته؛ فتبين لي أنه سحر من زوجته الأولى لزوجته الثانية - والعياذ بالله - هذا السحر أو الأطر قد أفسد حياة هذا الرجل، وجعله يكره زوجته سبع سنين - والعياذ بالله - والجميل في الأمر أنه لم يتسرع لتقواه، ويفصل العلاقة بينه وبين زوجته ويطلقها، فأحرقت هذه الورقة، وهذا السحر؛ فجاءني الرجل، وأخبرني بأن حياة قريبه قد تبدلت، وصارت حسنة طيبة مع أهله ولله الحمد.
والحاصل الها الإخوان: أن الحسد والجهل؛ قد يدفع كثيرا من الناس لا سيما الزوجات الجاهلات؛ إلى ارتكاب هذه الأعمال القبيحة؛ فيبوءوا بالإثم العظيم، وقد يرتكبوا إثم قتل نفس معصومة ظلما وعدوانا - والعياذ بالله -؛ فيكونوا من أهل قوله عز وجل:
( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[93النساء].
وفي مثل هذه التربة، وفي مثل هذه المجتمعات التي يقل فيها الخوف من الله سبحانه وتعالى، وضعف اليقين والتوكل؛ تكون تربة صالحة لانتشار الدجالين، والكهنة والمشعوذين والعرافين؛ الذين انتشروا انتشارا كبيرا في مجتمعات المسلمين، وللأسف الشديد،
ونظرا لقلة العلم الشرعي، ونسيان السنن؛ بدل أن يفزع هؤلاء المصابون بهذه الحوادث من الصرع والجنون والسحر؛ بدل أن يفزعوا إلى كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو شفاء من كل داء، والذي هو عافية من كل بلاء؛ كما بين الله سبحانه وتعالى، وبين رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدل ذلك كله؛ يطرقون أبواب هؤلاء الكهان والمنجمين، ويزدحمون عند أبواب هؤلاء السحرة والعرافين والعياذ بالله؛ ليشتروا الضلالة بالهدى، وليخرج بعضهم عن دين الإسلام والعياذ بالله؛ وليكفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء في أحاديث كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وسلم-: ( من أتى كاهنا أو عرافا فسأله؛ فصدقه فيما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد ) - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية ( لم تقبل له صلاة أربعين يوما ).
ومع ذلك نظرا لضعف العلم الشرع، ولضعف الدين في نفوس كثير من هؤلاء؛ تراهم يذهبون إلى هؤلاء السحرة والمنجمين؛ غير مكترثين بما جاء في ذلك من الوعيد الشديد الذي تنهد له الجبال، وكان الأجدر بهم أن يهربوا إلى الله سبحانه، وأن يلجئوا إلى كتابه، وسنة رسوله.
والله سبحانه قد يظهر كثيرا من حالات الشفاء على أيدي هؤلاء من السحرة والمنجمين؛ ليبتلي عباده، ويختبرهم، وينظر من يكفر بعد إيمانه، ومن يثبت على إيمانه؛
وكان الأولى بهم والأجدر؛ أن يهربوا إلى كتاب الله الذي قال فيه سبحانه:
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا )[82الإسراء]
وقال سبحانه وتعالى:
( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء )[44فصلت] وقال تبارك وتعالى على لسان نبيه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[80الشعراء].
وقال سبحانه: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )[57، 58يونس]
ولكن ذلك يحتاج إلى يقين وصدق، وقوة توكل على الله سبحانه وتعالى؛ فإنه إذا حصل ذلك؛ حصل الشفاء بإذن الله، قال بن القيم – رحمه الله – كلاما معناه :
" وكيف تقوى هذه الأدواء والأمراض على مدافعة كتاب الله الذي لو أنزله الله على جبل لتقطع، لو أنزله على جبل لتصدع، ولو أنزله على أرض لتقطع "
يشير إلى قوله عز وجل: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا )[21الحشر] وإلى قوله سبحانه: ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى )[31الرعد]
أحب في هذه الخطبة أن أذكر الأمور، والأسباب التي تعصم من كيد الشياطين: ( شياطين الإنس والجن )،والتي بها بإذن الله الحماية، والشفاء والعصمة، من كيد السحرة والشياطين، والمس والجان، لمن صدق في ذلك التوكل على الله سبحانه وتعالى، والتي أدى جهل كثير من المسلمين بها، وتركهم للتمسك بها؛ إلى مثل هذه الحالات المرضية الكثيرة المتفشية في كثير من مجتمعات، وبيوت المسلمين.
الأسباب التي تعصم من كيد الشياطين
وأنا أذكر بعضها ليس على سبيل الحصر، فأول هذه الأسباب التي فيها العصمة بإذن الله من كيد شياطين الإنس والجن، ومن كيد الشياطين والسحرة والكهان والمنجمين، أولها ويجمعها:
- إحياء العلم الشرعي: ( علم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم –):
هذا الأمر الذي جهله كثير من المسلمين؛ بل جهلوا كثيرا من أصول الدين، وقواعد العبادات، وقواعد العقائد، فتجد بعضهم يفزع إلى مثل هذه الأعمال الكفرية والعياذ بالله.
ولو أن كل مسلم أحيى علم كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبث هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وأولاده وزوجه؛ ما حصلت مثل هذه الأمراض والكوارث بإذن الله.
الأمر الثاني: التوكل على الله سبحانه وتعالى:
فإنه إذا حصل عند الشخص من قوة التوكل على الله سبحانه، وتفويض الأمر إليه، والاعتماد عليه، وصدق الالتجاء إليه سبحانه وتعالى؛ ما مسه كيد شيطان، سواء من شياطين الجن، أو الإنس.
والله سبحانه وتعالى يقول في أمر الشيطان:
( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )[98، 99النحل]
ليس له سلطان على هؤلاء، وليس له حيلة على هذا الصنف من الناس، ولكن إذا حصل التوكل على الله صدقا وحقا؛ إنما سلطانه على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون، فمثل هؤلاء هم الذين يستبد بهم الشيطان، ويتلاعب بحياتهم، ويسبب لهم كثيرا من الأسقام، والأمراض والعياذ بالله.
أما الذي يتوكل على الله حق التوكل، ويخافه حق المخافة، توكلا صادقا، ويقينا جازما، واعتمادا مخلصا على الله؛ فإن الشيطان لا يستطيعه بإذن الله سبحانه وتعالى.
وليعلم المسلم أن من لوازم التوكل على الله؛ أن يحرص الإنسان على فعل كل ما أمر الله، وعلى ترك كل ما نهى عنه، ولا سيما المحافظة على الصلاة، وعلى قراءة كتاب الله، والالتزام بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك المواطن التي يعصى الله عز وجل بها.
أما أن يقول الإنسان بلسانه: ( إني متوكل على الله )، وهو مخالف لما أمر الله؛ فذلك لا شك توكل كاذب لا ينفع صاحبه شيئا، ولا يجزي عنه شيئا.
ثم ليعلم المسلم أن من لوازم التوكل على الله؛ ألا يهاب إلا الله، ولا يخاف إلا إياه، ولا يخاف كيد شياطين الجن والإنس، وإنما يجعل خوفه من الله سبحانه وتعالى وحده، إذا فعل ذلك كفاه الله كل شر؛ قال سبحانه وتعالى:
( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )[175آل عمران]، وقال سبحانه: ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ )[3المائدة] إلى غير ذلك من الآيات المثيرة العديدة.
ومن الأمور التي هي أمان وعصمة من كيد شياطين الجن والإنس ومن السحرة والمنجمين وأعداء الله:
- الحرص على ذكر الله سبحانه وتعالى:
فإن ذكر الله إذا حافظ عليه العبد؛ كان أمانا من الشياطين، وعصمة من السحرة، والعرافين، وكان أمانا للإنسان من كل مكروه.
ولهذا السبب كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - الذي يجب أن يكون قدوة لنا جميعا، كان يذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحيانه.
ولو أن العبد حرص على ذكر الله سبحانه وتعالى؛ قائما وقاعدا وراكدا، وداخلا
يتبع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى