- هيثم الساعىعضو نشيط
- عدد الرسائل : 68
العمر : 50
الجنس :
الدوله :
العمل :
المزاج :
الهوايه :
عدد النقاط : 16949
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 03/07/2009
شرح اسماء الله الحسنى فى ضوء الكتاب والسنهالجزء الربع
الخميس يوليو 23, 2009 5:31 pm
·وصفات الجلال والجمال : أخص باسم (الله) .
·وصفات الفعل والقدرة ، والتفرد بالضر والنفع ، والعطاء والمنع ، ونفوذ المشيئة ، وكمال القوة ، وتدبير أمر الخليقة أخص باسم (الرب) .
·وصفات الإحسان ، والجود ، والبر ، والحنان ، والمنة ، والرأفة ، واللطف أخص باسم (الرحمن) .
وكرر إيذاناً بثبوت الوصف ، وحصول أثره ، وتعلقه بمتعلقاته . فالرحمن الذي الرحمة وصفه ، والرحيم : الراحم لعباده ولهذا يقول تعالى ) وكان بالمؤمنين رحيماً ( ولم يجئ رحمان بعباده ولا رحمان بالمؤمنين مع ما في اسم (الرحمن) الذي هو على وزن فعلان من سعة هذا الوصف وثبوت جميع معناه الموصوف به .. فبناء فعلان للسعة والشمول . ولهذا يقرن استواءه على العرش بهذا الاسم كقوله تعالى ) الرحمن على العرش استوى ( لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم كما قال تعالى ) ورحمتي وسعت كل شيء ( وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش ((إن رحمتي تغلب غضبي)) وفي لفظ ((فهو عنده على العرش)) .
فالتأمل اختصاص هذا الكتاب بذكر الرحمة ووضعه عنده على العرش وطابق بين ذلك وبين قوله تعالى ) الرحمن على العرش استوى ( وقوله ) ثم استوى على العرش الرحمن فسْئَل به خبيراً ( ينفتح لك باب عظيم من معرفة الرب تبارك وتعالى إن لم يغلقه عنك التعطيل والتجهيم .
·وصفات العدل ، والبض والبسط ، والخفض والرفع ، والعطاء والمنع ، والإعزاز والإذلال ، والقهر والحكم ،ونحوه أخص باسم (الملك) وخصه بيوم الدين وهو الجزاء بالعدل لتفرده بالحكم فيه وحده ، ولأنه اليوم الحق ، وما قبله كساعة ، ولانه الغاية وأيام الدنيا مراحل إليه .
وفي ذكر هذه الأسماء بعد الحمد في قوله تعالى ) الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ( وإيقاع الحمد على مضمونها ومقتضاها ما يدل على أنه محمود في إلهيته ، محمود في ربوبيته ، محمود في رحمانيته ، محمود في ملكه ، وإنه إله محمود ، ورب محمود ، وملك محمود . فله بذلك جميع أقسام الكمال .
كما قال من هذا الاسم بمفرده ، وكمال من الآخر بمفرده وكمال من قاتران أحدهما بالآخر . مثال لذلك ) والله غني حميد ( ) والله عليم حكيم ( ) والله قدير والله غفور رحيم ( فالغنى صفات كمال والحمد كمال ، واقتران غناه بحمده كمال أيضاً . وقدرته كمال ، ومغفرته كمال ، واقتران القدرة بالمغفرة كمال ، وكذلك العفو بعد المقدرة ) إن الله كان عفواً قديراً ( .
فما كل من قدر عفا ، ولا كل من عفا يعفو عن قدرة ، ولك كل من علم يكون حليماً ، ولا كل حليم عالم في قرن شئ إلى شيءٍ أزين من حلم إلى علم ، ومن عفو إلى قدرة ، ومن ملك إلى حمد ، ومن عزة إلى رحمة ، ) وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( .
وفي هذا أظهر دلالة على أسماء الرب تعالى مشتقة من أوصاف ومعانٍ قامت به ، وإن كل اسم يناسب ما ذكر معه واقتران به من فعله وأمره والله الموفق للصواب .
إذ قال السائل (اللهم إني أسألك) كأنه قال أدعو الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العُلى بأسمائه وصفاته . فأتي بالميم المؤذنة بالجمع في آخر هذا الاسم ، إيذاناً بسؤاله تعالى بأسمائه كلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( ما أصاب عبداً هم ولا حزنٌ، فقال : اللهم إني عبدك ، أبن عبدك ،أبن أمتك ناصيتي بيدك ، ماضٍ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك : أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وغمه ، وأبدله مكانه فرحاً )) قالوا يا رسول الله أفلا نتعلمهن ؟ قال : ((بلى ، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)) .
فالداعي مندوب أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته كما في الاسم الأعظم ((اللهم أني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيُّ يا قيوم))
والدعاء ثلاثة أقسام :
1-أن تسأل الله بأسمائه وصفاته .
2-أن تسأله بحاجتك وفقرك وذلك فتقول أنا العبد الفقير المسكين الذليل المستجير ونحو ذلك .
3-أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحداً من الأمرين فالأول أكمل من الثاني والثاني أكمل من الثالث فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة كان أكمل . وهذه عامة أدعية النبي صلى الله عليه وسلم .
فالدعاء الذي علمه صديق الله عنه ذكر الأقسام الثلاثة :
1-فإنه قال في أوله ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) وهذا حال السائل .
2-ثم قال : ((وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)) وهذا حال المسؤول .
ثم قال : ((فاغفر لي)) فذكر حاجته وختم الدعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه ، ثم قال ابن القيم رحمه الله : وهذا القول الذي اخترناه قد جاء عن غير واحد من السلف . قال الحسن البصري : ((اللهم)) مجمع الدعاء وقال أبو رجاء العطاردي : إن الميم في قوله ((اللهم)) فيها تسعة وتسعون اسماً من أسماء الله تعالى . وقال النضر بن شميل : من قال : ((اللهم)) فقد دعا الله بجميع اسمائه .
المبحث الحادي عشر : أسماء الله وصفاته مختصة به واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات .
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : ((سمّى الله نفسه بأسماء وسمّى صفاته بأسماء فكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره ، وسمّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص ، ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماها واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص ، لا اتفاقهما ، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص ، فضلاً عن أن يتحد مسماهما فقد سمّى الله نفسه حيّا ، فقال : ) الله لا إله إلا هو الحيُّ القيوم ( وسمّى بعض عباده حيّا ، فقال : ) يخرج الحيَّ من الميت ويخرج الميت من الحيِّ ( وليس هذا الحي مثل هذا الحي ، لأن قوله ) الحي ( اسم الله مختص به ، وقولـــه ) ويخرج الحي من الميت ( اسم للحي المخلوق مختص به ، وإنما يتفقان إذا اطلقا وجُرداً عن التخصيص ، ولكن ليس للمطلق مسمّى موجود في الخارج ، ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركاً بين المسميين ، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق ، والمخلوق عن الخالق .
ولابد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته ، يُفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق ، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى .
وكذلك سمّى الله نفسه عليماً حليماً ، وسمّى بعض عباده عليماً ، فقال : )وبشروه بغلام عليم ( يعني إسماعيل ، وليس العليم كالعليم ، ولا الحليم كالحليم .
وسمّى نفسه سميعاً بصيراً ، فقال : ) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً ( وسمّى بعض خلقه سميعاً بصيراً فقال : ) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ( وليس السميع كالسميع ، ولا البصير كالبصير .
وسمّى نفسه بالرؤوف الرحيم ، فقال : ) إن الله بالنَّاس لرءوفٌ رَّحيمٌ ( وسمّي بعض عباده بالرءوف الرحيم فقال : ) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رَّحيم ( وليس الرءوف كالرءوف ، ولا الرحيم كالرحيم .
وسمّى نفسه بالملك ، فقال : ) الملك القُّدوسُ ( وسمّى بعض عباده بالملك ، فقال : ) وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً ( ) وقال الملك ائتوني به ( وليس الملك كالملك .
وسمّى نفسه بالمؤمن : فقال : ) المؤمن المهيمنُ ( وسمّى بعض عباده بالمؤمن ، فقال : ) أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ( وليس المؤمن كالمؤمن.
وسمّى نفسه بالعزيز ، فقال : ) العزيز الجبار المتكبرُ ( وسمّى بعض عباده بالعزيز ، فقال : ) قالت امرأة العزيز ( وليس العزيز كالعزيز .
وسمّى نفسه الجبار المتكبر ، وسمّى بعض خلقه بالجبار المكتبر ، فقال : ) كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبارٍ ( وليس الجبار كالجبار ، وليس المتكبر كالمتكبر .
ونظائر هذه متعددة .
وكذلك سمّى نفسه بأسماء ، وسمّى صفات عباده بنظرير ذلك ، فقال : )ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بمَا شاء ( وقال : ) أنزلناه بعلمه ( ، وقال : ) إن الله هو الرازق ذو القوَّة المتين ( وقال ) أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ( .
وسمّى صفة المخلوق علماً وقوة ، فقال : ) وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( وقال ) وفوق كل ذي علم عليم ( وقال : ) فرحوا بما عندهم من العلم ( وقال: ) الله الذي خلقكم من ضعفٍ ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ( وقال : ) ويزدكم قوة إلى قوتكم ( وقال : ) والسماء بنيناها بأيدٍ ( أي بقوة ، وقال : ) واذكر عبدنا داود ذا الأيدٍ ( أي ذا القوة ، وليس العليم كالعليم ، ولا القوة كالقوة .
وكذلك وصف نفسه بالمشيئة ، ووصف عبده بالمشيئة ، فقال : ) لمن شاء منكم أن يستقيم ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ( وقال : ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً ( .
وكذلك وصف نفسه بالإرادة ، ووصف عبده بالإرادة فقال : ) تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ( .
ووصف نفسه بالمحبة ، [ووصف عبده بالمحبة'> فقال : ) فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( ، وقال : )قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( .
ووصف نفسه بالرضا ، ووصف عبده بالرضا ، فقال : ) رضى الله عنهم ورضوا عنه( .
ومعلوم أن مشيئة الله ليست مثل مشيئة العبد ، ولا إرادته مثل إرادته ، ولا محبته مثل محبته ، ولا رضاه مثل رضاه .
وكذلك وصف نفسه بأنه يمقت الكفار ، ووصفهم بالمقت ، فقال : )إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون( وليس المقت مثل المقت .
وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد ، كمــــا وصف عبـــده بذلك ، فقال : ) ويمكرون ويمكر الله ( وقال : )إنهم يكيدون كيدا ، وأكيد كيداً ( وليس المكر كالمكر ، ولا الكيد كالكيد .
ووصف نفسه بالعمل ، فقال : )أولم يروا أنا خلقنا لهم مِّمَّا عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون ( ووصف عبده بالعمل ، فقال : )جزاءً بما كانوا يعملون( وليس العمل كالعمل .
ووصف نفسه بالمناداة والمناجاة ، في قوله : ) وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً ( وقوله : )ويوم يناديهم( وقوله : )وناداهما ربهما( ووصف عبده بالمناداة والمناجاة ، فقال : ) إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعـقلون( وقال : ) إذا ناجيتم الرسول ( وقال : )إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان( وليس المناداة كالمناداة ، وليس المناجاة كالمناجاة .
ووصف نفسه بالتكليم في قوله : ) وكلم الله موسى تكليماً ( وقوله : ) وكلم الله موسى تكليماً ( وقوله : ) ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ( وقوله : ) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ( ووصف عبده بالتكليم في مثل قوله : )وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي فلمَّا كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ( وليس التكليم كالتكليم .
ووصف نفسه بالتنبئة ، )وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا نبأني العليم الخبير (ليس الإنباء كالإنباء .
ووصف نفسه بالتعليم ،ووصف عبده بالتعليم ، فقال : ) الرحمن ، علم القرآن ، خلق الإنسان ، علمه البيان ( وقال : ) تعلمونهن مما علمكم الله ( وقال : )لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ( وليس التعليم كالتعليم .
يتبع
·وصفات الفعل والقدرة ، والتفرد بالضر والنفع ، والعطاء والمنع ، ونفوذ المشيئة ، وكمال القوة ، وتدبير أمر الخليقة أخص باسم (الرب) .
·وصفات الإحسان ، والجود ، والبر ، والحنان ، والمنة ، والرأفة ، واللطف أخص باسم (الرحمن) .
وكرر إيذاناً بثبوت الوصف ، وحصول أثره ، وتعلقه بمتعلقاته . فالرحمن الذي الرحمة وصفه ، والرحيم : الراحم لعباده ولهذا يقول تعالى ) وكان بالمؤمنين رحيماً ( ولم يجئ رحمان بعباده ولا رحمان بالمؤمنين مع ما في اسم (الرحمن) الذي هو على وزن فعلان من سعة هذا الوصف وثبوت جميع معناه الموصوف به .. فبناء فعلان للسعة والشمول . ولهذا يقرن استواءه على العرش بهذا الاسم كقوله تعالى ) الرحمن على العرش استوى ( لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم كما قال تعالى ) ورحمتي وسعت كل شيء ( وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش ((إن رحمتي تغلب غضبي)) وفي لفظ ((فهو عنده على العرش)) .
فالتأمل اختصاص هذا الكتاب بذكر الرحمة ووضعه عنده على العرش وطابق بين ذلك وبين قوله تعالى ) الرحمن على العرش استوى ( وقوله ) ثم استوى على العرش الرحمن فسْئَل به خبيراً ( ينفتح لك باب عظيم من معرفة الرب تبارك وتعالى إن لم يغلقه عنك التعطيل والتجهيم .
·وصفات العدل ، والبض والبسط ، والخفض والرفع ، والعطاء والمنع ، والإعزاز والإذلال ، والقهر والحكم ،ونحوه أخص باسم (الملك) وخصه بيوم الدين وهو الجزاء بالعدل لتفرده بالحكم فيه وحده ، ولأنه اليوم الحق ، وما قبله كساعة ، ولانه الغاية وأيام الدنيا مراحل إليه .
وفي ذكر هذه الأسماء بعد الحمد في قوله تعالى ) الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ( وإيقاع الحمد على مضمونها ومقتضاها ما يدل على أنه محمود في إلهيته ، محمود في ربوبيته ، محمود في رحمانيته ، محمود في ملكه ، وإنه إله محمود ، ورب محمود ، وملك محمود . فله بذلك جميع أقسام الكمال .
كما قال من هذا الاسم بمفرده ، وكمال من الآخر بمفرده وكمال من قاتران أحدهما بالآخر . مثال لذلك ) والله غني حميد ( ) والله عليم حكيم ( ) والله قدير والله غفور رحيم ( فالغنى صفات كمال والحمد كمال ، واقتران غناه بحمده كمال أيضاً . وقدرته كمال ، ومغفرته كمال ، واقتران القدرة بالمغفرة كمال ، وكذلك العفو بعد المقدرة ) إن الله كان عفواً قديراً ( .
فما كل من قدر عفا ، ولا كل من عفا يعفو عن قدرة ، ولك كل من علم يكون حليماً ، ولا كل حليم عالم في قرن شئ إلى شيءٍ أزين من حلم إلى علم ، ومن عفو إلى قدرة ، ومن ملك إلى حمد ، ومن عزة إلى رحمة ، ) وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( .
وفي هذا أظهر دلالة على أسماء الرب تعالى مشتقة من أوصاف ومعانٍ قامت به ، وإن كل اسم يناسب ما ذكر معه واقتران به من فعله وأمره والله الموفق للصواب .
إذ قال السائل (اللهم إني أسألك) كأنه قال أدعو الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العُلى بأسمائه وصفاته . فأتي بالميم المؤذنة بالجمع في آخر هذا الاسم ، إيذاناً بسؤاله تعالى بأسمائه كلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( ما أصاب عبداً هم ولا حزنٌ، فقال : اللهم إني عبدك ، أبن عبدك ،أبن أمتك ناصيتي بيدك ، ماضٍ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك : أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وغمه ، وأبدله مكانه فرحاً )) قالوا يا رسول الله أفلا نتعلمهن ؟ قال : ((بلى ، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)) .
فالداعي مندوب أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته كما في الاسم الأعظم ((اللهم أني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيُّ يا قيوم))
والدعاء ثلاثة أقسام :
1-أن تسأل الله بأسمائه وصفاته .
2-أن تسأله بحاجتك وفقرك وذلك فتقول أنا العبد الفقير المسكين الذليل المستجير ونحو ذلك .
3-أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحداً من الأمرين فالأول أكمل من الثاني والثاني أكمل من الثالث فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة كان أكمل . وهذه عامة أدعية النبي صلى الله عليه وسلم .
فالدعاء الذي علمه صديق الله عنه ذكر الأقسام الثلاثة :
1-فإنه قال في أوله ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) وهذا حال السائل .
2-ثم قال : ((وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)) وهذا حال المسؤول .
ثم قال : ((فاغفر لي)) فذكر حاجته وختم الدعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه ، ثم قال ابن القيم رحمه الله : وهذا القول الذي اخترناه قد جاء عن غير واحد من السلف . قال الحسن البصري : ((اللهم)) مجمع الدعاء وقال أبو رجاء العطاردي : إن الميم في قوله ((اللهم)) فيها تسعة وتسعون اسماً من أسماء الله تعالى . وقال النضر بن شميل : من قال : ((اللهم)) فقد دعا الله بجميع اسمائه .
المبحث الحادي عشر : أسماء الله وصفاته مختصة به واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات .
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : ((سمّى الله نفسه بأسماء وسمّى صفاته بأسماء فكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره ، وسمّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص ، ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماها واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص ، لا اتفاقهما ، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص ، فضلاً عن أن يتحد مسماهما فقد سمّى الله نفسه حيّا ، فقال : ) الله لا إله إلا هو الحيُّ القيوم ( وسمّى بعض عباده حيّا ، فقال : ) يخرج الحيَّ من الميت ويخرج الميت من الحيِّ ( وليس هذا الحي مثل هذا الحي ، لأن قوله ) الحي ( اسم الله مختص به ، وقولـــه ) ويخرج الحي من الميت ( اسم للحي المخلوق مختص به ، وإنما يتفقان إذا اطلقا وجُرداً عن التخصيص ، ولكن ليس للمطلق مسمّى موجود في الخارج ، ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركاً بين المسميين ، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق ، والمخلوق عن الخالق .
ولابد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته ، يُفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق ، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى .
وكذلك سمّى الله نفسه عليماً حليماً ، وسمّى بعض عباده عليماً ، فقال : )وبشروه بغلام عليم ( يعني إسماعيل ، وليس العليم كالعليم ، ولا الحليم كالحليم .
وسمّى نفسه سميعاً بصيراً ، فقال : ) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً ( وسمّى بعض خلقه سميعاً بصيراً فقال : ) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ( وليس السميع كالسميع ، ولا البصير كالبصير .
وسمّى نفسه بالرؤوف الرحيم ، فقال : ) إن الله بالنَّاس لرءوفٌ رَّحيمٌ ( وسمّي بعض عباده بالرءوف الرحيم فقال : ) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رَّحيم ( وليس الرءوف كالرءوف ، ولا الرحيم كالرحيم .
وسمّى نفسه بالملك ، فقال : ) الملك القُّدوسُ ( وسمّى بعض عباده بالملك ، فقال : ) وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً ( ) وقال الملك ائتوني به ( وليس الملك كالملك .
وسمّى نفسه بالمؤمن : فقال : ) المؤمن المهيمنُ ( وسمّى بعض عباده بالمؤمن ، فقال : ) أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ( وليس المؤمن كالمؤمن.
وسمّى نفسه بالعزيز ، فقال : ) العزيز الجبار المتكبرُ ( وسمّى بعض عباده بالعزيز ، فقال : ) قالت امرأة العزيز ( وليس العزيز كالعزيز .
وسمّى نفسه الجبار المتكبر ، وسمّى بعض خلقه بالجبار المكتبر ، فقال : ) كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبارٍ ( وليس الجبار كالجبار ، وليس المتكبر كالمتكبر .
ونظائر هذه متعددة .
وكذلك سمّى نفسه بأسماء ، وسمّى صفات عباده بنظرير ذلك ، فقال : )ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بمَا شاء ( وقال : ) أنزلناه بعلمه ( ، وقال : ) إن الله هو الرازق ذو القوَّة المتين ( وقال ) أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ( .
وسمّى صفة المخلوق علماً وقوة ، فقال : ) وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( وقال ) وفوق كل ذي علم عليم ( وقال : ) فرحوا بما عندهم من العلم ( وقال: ) الله الذي خلقكم من ضعفٍ ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ( وقال : ) ويزدكم قوة إلى قوتكم ( وقال : ) والسماء بنيناها بأيدٍ ( أي بقوة ، وقال : ) واذكر عبدنا داود ذا الأيدٍ ( أي ذا القوة ، وليس العليم كالعليم ، ولا القوة كالقوة .
وكذلك وصف نفسه بالمشيئة ، ووصف عبده بالمشيئة ، فقال : ) لمن شاء منكم أن يستقيم ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ( وقال : ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً ( .
وكذلك وصف نفسه بالإرادة ، ووصف عبده بالإرادة فقال : ) تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ( .
ووصف نفسه بالمحبة ، [ووصف عبده بالمحبة'> فقال : ) فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( ، وقال : )قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( .
ووصف نفسه بالرضا ، ووصف عبده بالرضا ، فقال : ) رضى الله عنهم ورضوا عنه( .
ومعلوم أن مشيئة الله ليست مثل مشيئة العبد ، ولا إرادته مثل إرادته ، ولا محبته مثل محبته ، ولا رضاه مثل رضاه .
وكذلك وصف نفسه بأنه يمقت الكفار ، ووصفهم بالمقت ، فقال : )إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون( وليس المقت مثل المقت .
وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد ، كمــــا وصف عبـــده بذلك ، فقال : ) ويمكرون ويمكر الله ( وقال : )إنهم يكيدون كيدا ، وأكيد كيداً ( وليس المكر كالمكر ، ولا الكيد كالكيد .
ووصف نفسه بالعمل ، فقال : )أولم يروا أنا خلقنا لهم مِّمَّا عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون ( ووصف عبده بالعمل ، فقال : )جزاءً بما كانوا يعملون( وليس العمل كالعمل .
ووصف نفسه بالمناداة والمناجاة ، في قوله : ) وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً ( وقوله : )ويوم يناديهم( وقوله : )وناداهما ربهما( ووصف عبده بالمناداة والمناجاة ، فقال : ) إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعـقلون( وقال : ) إذا ناجيتم الرسول ( وقال : )إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان( وليس المناداة كالمناداة ، وليس المناجاة كالمناجاة .
ووصف نفسه بالتكليم في قوله : ) وكلم الله موسى تكليماً ( وقوله : ) وكلم الله موسى تكليماً ( وقوله : ) ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ( وقوله : ) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ( ووصف عبده بالتكليم في مثل قوله : )وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي فلمَّا كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ( وليس التكليم كالتكليم .
ووصف نفسه بالتنبئة ، )وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا نبأني العليم الخبير (ليس الإنباء كالإنباء .
ووصف نفسه بالتعليم ،ووصف عبده بالتعليم ، فقال : ) الرحمن ، علم القرآن ، خلق الإنسان ، علمه البيان ( وقال : ) تعلمونهن مما علمكم الله ( وقال : )لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ( وليس التعليم كالتعليم .
يتبع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى